تحالفات تحت الطاولة.. الحوثي والقاعدة والشباب يبنون مثلث الموت

تحالفات تحت الطاولة.. الحوثي والقاعدة والشباب يبنون مثلث الموت

حدث في دهاليز الفوضى التي صنعتها النزاعات في اليمن وشرق إفريقيا، تتشابك خيوط الموت في شبكة خفية، تجمع بين خصوم الأمس على طاولة المصالح السوداء.

 

وبينما يرفع كل فصيل شعاراته العقائدية، تكشف الوقائع عن تحالف غير معلن تتقاطع فيه طرق السلاح والتهريب والتدريب، ليصنع تحالفًا مريبًا بين مليشيات الحوثي في اليمن، وتنظيم القاعدة بفرعيه في الجزيرة والصومال، وحركة الشباب الإرهابية، ذراع العنف في القرن الإفريقي.

 

تحالف تجاوز العداء الإيديولوجي

 

يكشف تقرير أممي حديث النقاب عن هذا التنسيق، ويحدّد بدقة أسماء وطرق وشخصيات تُحرك هذا التعاون، في مسعى لتطويق ممرات الملاحة الدولية، وتهديد الأمن الإقليمي والدولي على السواء، ولم يعد التعاون بين مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة في اليمن وحركة الشباب الصومالية مجرّد افتراض، بل أصبح واقعًا موثقًا دخل مرحلة جديدة من التوسع، لا سيما في ملف تهريب السلاح.

 

ووفقًا لتقرير فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات المعني بتنظيمي داعش والقاعدة التقرير السادس والثلاثون المقدم إلى مجلس الأمن الدولي في يوليو 2025، تم الكشف عن أسماء أربعة من كبار الشخصيات التي تنشط في تسهيل عمليات التهريب بين هذا الثالوث المسلح .

 

أسماء في الظل تدير شبكة السلاح

 

التقرير، الذي يغطي الفترة من 14 ديسمبر 2024 وحتى 22 يونيو 2025، أزاح الستار عن شخصية صومالية تُدعى عبدالرزاق حسن يوسف، يُشار إليه بوصفه المسؤول عن تسهيل نقل الأسلحة بين مليشيات الحوثي في اليمن وحركة الشباب في الصومال.

 

ووفق التقرير، فإن عبدالرزاق يوسف يعمل بالتنسيق مع مهرب سلاح يمني يُعرف باسم أبو كمّام ، لتأمين شحنات الأسلحة التي تصل إلى الحوثيين وتُعاد توزيعها على حركة الشباب، كما أشار التقرير إلى أن حركة الشباب خصصت ربع ميزانيتها التشغيلية خلال الفترة الماضية لشراء الأسلحة، التي تحصل عليها عبر شراكات مع الحوثيين وتنظيم القاعدة في اليمن .

 

التدريب وتبادل الخبرات

 

لم يتوقف التعاون عند حدود التهريب، بل تعدّاه إلى التدريب العسكري وتبادل الخبرات القتالية.

 

وأكد التقرير استمرار العلاقة بين الحوثيين وحركة الشباب، مشيرًا إلى أن الحوثيين قدموا تدريبات عسكرية لمقاتلي حركة الشباب، في خطوة تُعزز القدرات القتالية للتنظيم في القرن الإفريقي .

 

أبو صالح العبيدي.. الوسيط الصحراوي

 

على الجانب الآخر من اليمن، رصد التقرير شخصية بارزة تُدعى أبو صالح العبيدي ، تقوم بدور الوسيط في تهريب الطائرات المسيّرة والأسلحة الثقيلة بين الحوثيين وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

 

وذكر التقرير أن العبيدي يعتمد على الطريق الصحراوي الممتد من محافظة المهرة إلى مأرب، ثم إلى الجوف، لتسهيل مرور شحنات السلاح القادمة من إيران، عبر شبكة معقدة من المهربين.

 

التهريب البحري

 

في مجال التهريب البحري، حدد التقرير اسمًا آخر يُدعى أبو سلمان المصري ، يُدير عمليات تهريب عبر البحر الأحمر بين اليمن والصومال، وهو مسؤول عن إمداد فرع القاعدة بالأسلحة من خلال التعاون مع الحوثيين.

 

ورغم الخطاب الإعلامي العدائي المعلن بين تنظيم القاعدة ومليشيات الحوثي، يشير التقرير الأممي إلى أن العلاقة الانتهازية لا تزال قائمة، بفضل وسطاء قبليين وميسّرين يمارسون دورًا فاعلًا في تسهيل التواصل والتبادل بين الطرفين.

 

الولايات المتحدة تتحرك.. لكن الشبكة باقية

 

يُرجع مراقبون هذا التعاون إلى تحالف غير معلن بين إيران وتنظيم القاعدة العالمي، حيث يتم تجميد الخلافات المذهبية والإيديولوجية مؤقتًا لمواجهة العدو المشترك ، والمتمثل غالبًا في القوات الغربية أو الأنظمة الإقليمية الحليفة لها.

 

وفي محاولة لقطع شرايين التهريب، نفذت الولايات المتحدة، في أبريل الماضي، عملية استهدفت عنصرًا في شبكة تهريب السلاح التابعة للحوثيين والقاعدة شرق اليمن، والتي تنشط في محافظات المهرة، حضرموت، وشبوة، لكن دون إحداث اختراق كبير في الشبكة الممتدة عبر الحدود.

 

واقع بالغ الخطورة

 

في المقابل، يواصل سعد بن عاطف العولقي، زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، العمل على تحسين الظروف المعيشية لمقاتليه، ومكافحة عمليات الاختراق الأمني، ما يشير إلى عزمه الحفاظ على استقرار التنظيم وتوسيعه بالتعاون مع مليشيات محلية وإقليمية.

 

تكشف تفاصيل التقرير الأممي عن واقع بالغ الخطورة، حيث تتقاطع مصالح ثلاث قوى إرهابية فاعلة في الإقليم، لتشكل شبكة مشتركة من التهريب والتدريب والدعم اللوجستي، تهدد أمن البحر الأحمر وباب المندب، وتضع المنطقة برمتها أمام تصعيد جديد، لا يُمكن احتواؤه دون استراتيجيات دولية وإقليمية أكثر صرامة وعمقًا. وبينما تستمر هذه الشبكات في التمدد، يبقى السؤال: إلى أي مدى سيصمد الأمن الإقليمي أمام هذا التحالف القاتل؟