تقرير..البنك الدولي يرصد أخطر 10 أزمات تواجه الاقتصاد العالمي في 2022
قال البنك الدولي في تقرير حديث، أنه كان لجائحة فيروس كورونا تأثير غير متناسب على الفئات الفقيرة والأشد احتياجاً في عام 2021، بدءاً بتفاوت مسارات التعافي الاقتصادي إلى عدم تكافؤ فرص الحصول على اللقاحات، ومن اتساع خسائر الدخل إلى التفاوت في التعلّم. إذ تتسبب الجائحة بانتكاسات في مسار التنمية، والجهود الرامية إلى إنهاء الفقر المدقع والحد من عدم المساواة
كما أدت الجائحة إلى ارتفاع معدل الفقر المدقع في عام 2020 للمرة الأولى منذ أكثر من 20 عاماً، حيث يعيش الآن نحو 100 مليون شخص آخـر، على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم. وبخلاف أزمات التضخم وسلاسل التوريد والطاقة، سلّط البنك الدولي الضوء على مخاطر أخرى، منها عدم تكافؤ الفرص في الحصول على اللقاحات، وتفاوت مسارات التعافي من الجائحة
يُضاف إلى ذلك، الخسائر العنيفة في دخول الأفراد والأُسر، وموجة الركود التي ضربت حركة التجارة العالمية، مع دخول العديد من اقتصادات العالم في أزمات ديون ضخمة، وأيضاً زيادة غير مسبوقة في التخلّف عن التعليم
أزمة عدم المساواة في توزيع اللقاحات
في ما يتعلق بعدم تكافؤ فرص الحصول على اللقاحات، كشف البنك الدولي، أنه “لا شك أن أسرع طريقة لإنهاء الجائحة هي تطعيم كل مَن يعيش على ظهر الكرة الأرضية. ومع ذلك، ومع حصول ما يربو قليلاً على 7 في المئة من الناس في البلدان منخفضة الدخل على جرعة واحدة من اللقاحات، مقارنة بأكثر من 75 في المئة في البلدان مرتفعة الدخل، فإننا بحاجة إلى الحصول على لقاحات فعّالة وآمنة ضد فيروس كورونا على نحو منصف وواسع النطاق من أجل إنقاذ الأرواح وتدعيم تعافي الاقتصاد العالمي”
ووافق البنك الدولي على تقديم التمويل لشراء اللقاحات وتوزيعها في أكثر من 64 بلداً، بمبلغ 6.3 مليارات دولار. وحتى الآن، تم توفير نحو 300 مليون جرعة من لقاحات كورونا بموجب تعاقد البنك الدولي لصالح البلدان النامية. ودخل البنك الدولي أيضاً في شراكة مع مرفق “كوفاكس” والاتحاد الأفريقي لمساندة الصندوق الاتئماني لشراء اللقاحات في أفريقيا الذي سيساعد البلدان في شراء اللقاحات وتوزيعها على ما يصل إلى 400 مليون شخص
كما تعاونت مجموعة البنك الدولي مع صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية لعقد اجتماع فريق عمل القادة متعدد الأطراف بشأن جائحة كورونا لتكثيف التنسيق بين المؤسسات متعددة الأطراف والحكومات والقطاع الخاص لتسريع الوصول إلى لقاحات كورونا والأدوات الصحية الأساسية الأخرى من أجل البلدان النامية من خلال الاستفادة من الحلول المالية والتجارية المتعددة الأطراف. علاوةً على ذلك، ساعد التمويل المقدَم من البنك الدولي البلدان في شراء تجهيزات الوقاية الشخصية والعلاجات ووسائل التشخيص ومنتجات الأوكسجين
وبصفة عامة، تساند مجموعة البنك الدولي أكثر من 100 بلد لمواجهة حالات الطوارئ الصحية، وتدعيم الأنظمة الصحية، والتأهب لمواجهة الجوائح، وحماية الفئات الفقيرة والأشد احتياجاً، ومساندة منشآت الأعمال، وخلق فرص العمل، وبدء تعافٍ أخضر وقادر على الصمود وشامل للجميع
وفي حين يُعَد الحصول على اللقاحات أمراً بالغ الأهمية لإنقاذ الأرواح، تحتاج البلدان أيضاً إلى مرافق البنية التحتية الأساسية التي تضمن النجاح في إيصال اللقاحات وتوزيعها. وقد كشفت هذه الجائحة، أكثر من أي وقت مضى، عن مواطن الضعف التي تعاني منها أنظمة الرعاية الصحية، خصوصاً تلك التي تواجه الآن تحدياً مزدوجاً يتمثل في التصدي لتفشي الجائحة، والحفاظ على الخدمات الأساسية المنقذة للأرواح. كما أظهرت أن الأنظمة الصحية القوية هي أساس التأهب لمواجهة الجوائح. ويساند البنك الدولي البلدان للاستثمار في مجال تحسين التأهب من خلال إنشاء أنظمة صحية قادرة على الصمود واكتشاف الفيروسات الفتاكة، وتحديدها، وعلاجها، ووقف انتقالها
تفاوت كبير في مسارات التعافي
وحول تفاوت مسارات التعافي العالمي، أشار البنك الدولي إلى أنه كما هو الحال بالنسبة للحصول على اللقاحات، هناك فجوة ناشئة في التعافي الاقتصادي بين الاقتصادات مرتفعة الدخل، والاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل. وأوضح أنه على الرغم من توقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 5.6 في المئة خلال عام 2021، وهو أقوى نمو له بعد الركود الاقتصادي الذي حدث منذ 80 عاماً، فإن مسارات التعافي ستكون متفاوتة. ويُتوقع أن تسجل الاقتصادات منخفضة الدخل معدل نمواً لا يتجاوز 2.9 في المئة خلال عام 2021، وهو أبطأ نمو لها في السنوات العشرين الماضية، بخلاف عام 2020، ويرجع ذلك جزئيّاً إلى بطء وتيرة التطعيم
وتطرق البنك الدولي إلى خسائر الدخل لأفقر 40 في المئة من السكان، حيث أصبح هذا التفاوت في التعافي جليّاً، وذلك حين يتعلق الأمر بالخسائر في الدخل، كما هو مبين في هذه المدونة. فقدان الدخل بسبب جائحة كورونا كان أشدّ حدة بالنسبة لأفقر 20 في المئة من سكان العالم
وعلى الرغم من تكبّد جميع الأشخاص بمختلف فئات دخلهم خسائر خلال الجائحة، فقد شهد أفقر 20 في المئة من السكان الخسارة الأكبر. ففي عام 2021، انخفضت مستويات دخلهم أكثر، في حين بدأت الفئات الأغنى في وقف تلك الخسائر. ويرجع ذلك إلى أن أفقر 40 في المئة من السكان لم يباشروا بتعويض خسائر دخلهم. وأدى انخفاض مستوى الدخل إلى سقوط نحو 100 مليون شخص آخر في براثن الفقر المدقع
وفي ما يتعلق بحركة التجارة العالمية، أشار البنك الدولي إلى أنه ليس من قبيل المصادفة أن تظهر الزيادة في معدلات الفقر المدقع عند حدوث اضطرابات تجارية بفعل الجوائح. ومن الناحية التاريخية، ثمة صلة وثيقة بين التجارة وانخفاض أعداد الفقراء، إذ تضاعفت تقريباً حصة البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل من صادراتها بين عام 1990 وعام 2017، وهي فترة شهدت تراجعاً في معدلات الفقر المدقع
وتلعب التجارة أيضاً دوراً بالغ الأهمية في التعافي الاقتصادي، وفق ما أوضحه تقرير صدر أخيراً عن البنك الدولي. وبعد أن أدت الجائحة إلى تعطيل التجارة العالمية على نحو خطير، أصبحنا نشهد انتعاشاً قويّاً يساعد في عملية التعافي. وتسهم التجارة في تسريع وتيرة التعافي الاقتصادي من الجائحة من خلال استدامة الطلب الخارجي على الصادرات وضمان توافر المنتجات والخدمات الوسيطة المستوردة
وتعتمد البلدان الأقل نموّاً، ذات القدرة المحدودة على حفز التعافي من خلال حزم التحفيز المالي، اعتماداً خاصاً على تعافي التجارة بوصفها مصدراً من مصادر النمو الاقتصادي. وفي ظل تسليط الجائحة الضوء على ضرورة استمرار تدفق السلع الحيوية عبر الحدود، تساند مجموعة البنك الدولي الإصلاحات التي تقودها البلدان للحد من تأثير الجائحة وتعزيز التعافي الاقتصادي
قفزات كبيرة في أعباء الديون
وتطرق البنك الدولي إلى ارتفاع مستويات المديونية في خضم الجائحة، حيث قفزت أعباء الديون في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية خلال الجائحة. ويمثل هذا تحدياً جسيماً أمام البلدان منخفضة الدخل – تلك التي وقع نصفها في مرحلة المديونية الحرجة أو أنها كانت معرّضة بشدة لخطر الوقوع فيها قبل أن تضربها الجائحة. ويأتي هذا بعد عقدٍ شهد أسرع -بل وأكبر- توسع في مستويات الديون في مختلف أنحاء العالم
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع تطلع واضعي السياسات في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية إلى التحول من التصدي للجائحة إلى التعافي منها، سيتعين عليهم عدم سحب مساندة المالية العامة قبل الأوان، والتطلع إلى رفع كفاءة الإنفاق العام، بالتوازن مع الحاجة إلى القدرة على تحمل أعباء الديون
ومع ذلك، سيستمر عبء المديونية حتى بعد انخفاض حدة الفيروس بفترة طويلة، مع ارتفاع تكاليف خدماتها، وإبطاء التعافي، وإعاقة الجهود الرامية إلى التصدي للتحديات الإنمائية الأخرى – بما في ذلك تغيّر المناخ
وذكر البنك الدولي، أنه “إذا أخذنا بالنتائج التي خلص إليها تقرير شفافية الديون في البلدان النامية، فسنجد أن مسألة المديونية أكثر تعقيداً مما تبدو عليه. وذلك لأن الإبلاغ عن الديون ليس مشكلة يسيرة الحل”، إذ تعتمد مراقبة الديون العالمية اليوم على مجموعة متفاوتة من قواعد البيانات ذات المعايير والتعريفات المختلفة. وتحتوي هذه المعايير والتعريفات على فجوات كبيرة، حيث أظهر التقرير أن الإحصاءات المتاحة للجمهور من أرصدة الديون في البلدان منخفضة الدخل قد تتفاوت بمعدل يصل إلى 30 في المئة من إجمالي الناتج المحلي لأحد البلدان الأخرى، ويُعزى ذلك إلى تباين التعريفات والمعايير الموجودة في قواعد البيانات المحلية والدولية
زيادة غير مسبوقة في فقر التعلم
وأشار البنك الدولي إلى زيادة غير مسبوقة في فقر التعلم، حيث تظهّر أحد الآثار المدمرة لجائحة كورونا على الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً في مجال التعليم. إذ إن جائحة كورونا وجَّهت ضربة قاسية لحياة الأطفال الصغار والطلاب والشباب، وأدت إلى تفاقم أوجه عدم المساواة في فرص التعليم
وبسبب إغلاق المدارس لفترات طويلة وضعف نواتج التعلم، تشير التقديرات الأخيرة للبنك الدولي إلى أن زيادة فقر التعلم -وهي نسبة الأطفال في سن العاشرة الذين لا يستطيعون قراءة نص بسيط- يمكن أن تصل إلى 70 في المئة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل
وستنجم عن هذا آثار طويلة الأمد على الدخل، والجهود الرامية إلى تخفيف حدة الفقر والحد من التفاوت في المستقبل. ووفقاً لأحدث التقديرات، فإن هذا الجيل من الطلاب الآن قد يفقد 17 تريليون دولار من الدخل طوال عمره. وللتصدي لأزمة التعليم المتفاقمة، بادر البنك الدولي إلى تكثيف دعمه للبلدان النامية، في مشروعات وصلت إلى ما لا يقل عن 432 مليون طالب، و26 مليون معلم – يشكِّلون ثلث عدد الطلاب، ونحو ربع القوى العاملة من المعلمين، في البلدان المتعاملة حاليّاً مع البنك الدولي
وذكر أن صورة أسعار السلع الأولية ليست وردية أيضاً، فوفق نشرة آفاق أسواق السلع الأولية الأخيرة، يُتوقع أن تزيد أسعار الطاقة بأكثر من 80 في المئة في المتوسط في عام 2021 مقارنةً بالسنة الماضية. ونظراً لأن الطاقة تُعد إحدى السلع الحيوية لإنتاج الأغذية والتدفئة، فقد تكون لهذه الأسعار المرتفعة تداعيات في مراحل الإنتاج النهائية. إذ أثر ارتفاع أسعار الطاقة بالفعل على أسعار الأسمدة، وهو ما أدى بدوره إلى زيادة تكلفة إنتاج الغذاء
ولكن في النصف الأخير من عام 2021، بدأت أسعار السلع الغذائية تستقر استجابةً لتوقعات الإمدادات العالمية المواتية، لكنها لا تزال أعلى من مستويات ما قبل الجائحة. وعلاوةً على ذلك، فإن تضخم أسعار الغذاء المحلية آخذ في الارتفاع في معظم البلدان، مما يَحُد من قدرة الفقراء على تحمل تكاليف الغذاء الصحي. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في البلدان النامية
حاجة ملحة لمواجهة تغير المناخ
وتطرق البنك الدولي إلى ضرورة التصدي لأزمة المناخ. وذكر أنه نظراً لأن جائحة كورونا تسببت بانتكاسات فورية في ثروات الفقراء والفئات الأكثر احتياجاً، لا يمكن للمرء أن يغفل عن تحديات تغيّر المناخ والإجراءات العاجلة التي تتطلبها
وإذا لم يتم التصدي لتغيّر المناخ، يمكن أن يُدفَع ما يصل إلى 132 مليون شخص إلى براثن الفقر المدقع بحلول عام 2030، وذلك وفقاً لتقديرات البنك الدولي. وسيعيش معظم الأشخاص الأكثر فقراً بالعالم في أوضاع تتسم بالهشاشة والصراع والعنف. فالفقر متداخل بالفعل مع قابلية التأثر بالأخطار المتصلة بالمناخ، مثل الفيضانات، والأمراض المنقولة بالحشرات، وهو ما يجعل تغيّر المناخ عائقاً رئيساً أمام تخفيف حدة الفقر المدقع
وأشار إلى تنامي عدد المهاجرين الداخليين بسبب تغيّر المناخ بحلول عام 2050. فإلى جانب المساهمة في زيادة الفقر المدقع، عمل تغيّر المناخ بوصفه محركاً قويّاً للهجرة الداخلية. وذكر أنه بحلول عام 2050 قد يؤدي تغير المناخ إلى تنقل 216 مليون شخص داخل بلدانهم. لكن لا تزال هناك فرصة لخفض هذه الأرقام بشكل كبير وتحسين إدارة الهجرة الداخلية بسبب تغير المناخ إذا بُذلت جهود عالمية منسقة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، مع مساندة التنمية الخضراء والشاملة للجميع والقادرة على الصمود في الوقت نفسه
وفي سبيل مواجهة التحديات المُلِحَّة، أصدرت مجموعة البنك الدولي خطة عملها الجديدة بشأن تغير المناخ للفترة 2021 – 2025، تهدف من خلالها إلى تحقيق مستويات قياسية من التمويل المناخي بالبلدان النامية، والحد من الانبعاثات، وتعزيز التكيف، ومواءمة التدفقات المالية مع أهداف اتفاق باريس. وتعمل خطة العمل الحالية على توسيع نطاق الجهود التي تبذلها مجموعة البنك الدولي من الاستثمار في المشروعات “الخضراء” إلى مساعدة البلدان المعنية في دمج الأهداف المناخية والإنمائية تماماً
وتُعد مجموعة البنك الدولي أكبر ممول متعدد الأطراف للاستثمارات المناخية في البلدان النامية، وبين عام 2016 وعام 2021، قدمت المجموعة أكثر من 109 مليارات دولار من التمويل المناخي، وضربت الرقم القياسي بتقديم مبلغ 26 مليار دولار في السنة المالية 2021. كما عزز البنك الدولي مساندته لأنشطة التكيّف، من 40 في المئة من التمويل المناخي في عام 2016 إلى 52 في المئة في عام 2020