قصة هنري الثاني ملك إنجلترا الذي أُعجب بالثقافة الإسلامة وتعلّم اللغة العربية منذ صغره

قصة هنري الثاني ملك إنجلترا الذي أُعجب بالثقافة الإسلامة وتعلّم اللغة العربية منذ صغره

في ذلك الوقت كانت إنجلترا على وشك أن تشهد تحولًا دينيًا تاريخيًا خلال القرن الـ 12، وربما أصبحت منذ ذلك الحين دولة إسلامية لو أن الملك هنري الثاني نفذ تهديده وقتها للفاتيكان باعتناق الإسلام والتخلي عن المسيحية

بدأت  وقائع القصة في عام 1168، عندما أرسل هنري بخطاب شديد اللهجة إلى البابا ألكسندر الثالث، وهو ما كان مختلفًا في مضمونه عن جميع المراسلات السابقة، وذلك بسبب غضبه من توماس بيكيت رئيس أساقفة كانتربري وسعيه للضغط على البابا لإقالته، بحسب ما أوردته بي بي سي نقلًا عن الكاتبة المختصة في التاريخ البريطاني كلوديا غولد

مولده و نشأته

وُلد هنري الثاني في 4 مارس عام 1133، في منطقة لومان الواقعة شمال غرب فرنسا، وكانت والدته ماتيلدا ابنة هنري الأول ملك إنجلترا ووالده جيفري بلانتاجنيت

 

وخلال فترة حياته الأولى حصل هنري على تعليم جيد، ولُقب بعدة ألقاب منها دوق نورماندي عام 1150، وكونت أنجو بعد وفاة والده في عام 1151

وفي عام 1153، انطلق هنري إلى إنجلترا لغزوها والمطالبة بعرش والدته الذي سلبه منه ابن عمها ستيفن وبالفعل امتثل ملك إنجلترا له وأعلنه وريثًا، وفي العام التالي عندما توفى ستيفن اعتلى هنري العرش ليُصبح حاكمًا على الأراضي من اسكتلندا إلى جبال البرانس

 

في هذه الفترة كان ثروة هنري تزايدت بعد زواجه من إليانور وهي الزوجة السابقة للملك لويس السابع ملك فرنسا، واستطاعت شخصية هنري أن تلقى اهتمامًا كبيرًا، وتنوعت فترة حكمه ما بين توسيع نطاق حكمه والدخول في النزاعات والإصلاحات الإدارية

فترة حكمه

عندما تولى هنري الحكم لم تكن البلاد بأفضل حال، إذ علبت عليها الفوضى والحرب الأهلية وكانت سيطرة الإقطاعيين على السلطة الملكية واضحة

وكان أول ما بدأ الملك بالعمل عليه هو إعادة النظام إلى البلاد وتحجيم الإقطاعيين، وتم ذلك بمساعدة مستشاره توماس بيكيت الذي تولى منصب كبير الأساقفة فيما بعد

بعد سنوات قليلة، دب الخلاف بين الإثنين حول الحق المزعوم لرجال الدين في أن يحاكموا في حالة ارتكابهم لجرائم من قبل محكمة كنسية، وهو ما أسفر عن قطيعة بينهما، بالإضافة إلى توتر العلاقات مع ملك فرنسا لويس السابع الداعم لبيكيت، وبابا الفاتيكان ألكسندر الثالث

 

وكانت رسالة هنري محاولة للرد على تصرفات بيكيت الذي استقال من منصب المستشار بعد تعيينه كبير الأساقفة، إذ استهدف الضغط على الفاتيكان لإقالة بيكيت من منصبه

معرفته بالإسلام

كان هنري يتمتع بمعرفة جيدة للإسلام، وهذا يرجع إلى دراسته للغة العربية في سن صغيرة على يد علماء من إسبانيا والشرق الأوسط وصقلية، إذ كانت أوروبا تعيش في هذه الفترة ما تم وصفه بالنهضة، تضمنت اتصالًا بالعالم العربي والانفتاح على ثقافته

وتضمنت دراسة الملك أعمال بيتروس ألفونسي، طبيب جده هنري الأول، الذي كتب أقدم رواية موثوقة عن النبي محمد، بالإضافة إلى بطرس المبجل، الذي أمر بالترجمة الأولى للقرآن إلى اللاتينية

 

وحتى بعد الجلوس على العرش استمرت علاقة هنري بالثقافة الإسلامية واستقبل العديد من العلماء العرب في قصره، وكان معجبًا بالفنون الإسلامية حتى أنه بنى قصرًا لعشيقته روزاموند كليفورد في وودستوك، على غرار القصور في صقلية حيث النوافير والساحات الكبيرة

 

هل كان الملك جادًا في تهديده؟ بحسب مقال كلوديا غولد، فإن هنري كان أحد أقوى الرجال في العالم والتهديدات لم تكن جديدة عليه، وكان معجبًا بالإسلام على الرغم من أنه لم يكن شخصًا متدينًا

 

وخلال هذه الفترة كانت الحروب بين الصليبيين الأوروبيين والجيوش الإسلامية في الشرق الأوسط على أشدها على أراضي مثل القدس وأنطاكية وطرابلس، ولذلك فإذا كانت الرسالة جادة، كانت شهدت أوروبا عواقب وتداعيات وخيمة في هذه الفترة

 

وكان أكثر ما جذب هنري إلى الإسلام هو عدم وجود سلطة مركزية متمثلة في الباباوية، ولذلك فإن انتقامه من بيكيت الذي كان بمثابة أقوى ثاني شخصية في البلاط الملكي، كان السبب في هذا التهديد

وعلى الرغم من التهديد، استمرت الخلافات بين الملك ورئيس الأساقفة لسنوات، حتى أمر هنري بقتل بيكيت ونفذ 4 من الفرسان هذا الأمر وقتلوه في كاتدرائية كانتربري في ديسمبر من العام 1170