الدكرورى يكتب عن نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 13″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 13″
ونكمل الجزء الثالث عشر مع نبي الله لوط عليه السلام، واللواط الموجب للحد هو تغييب الحشفة في دبر الذكر، وأما ما دون ذلك من مقدمات اللواط فعلى ما فيها من القبح والفحش والإثم، فإنها لا توجب الحد، وإنما التعزير بما يراه أولوا الأمر رادعا، وكما يستنبط العلماء بالإجماع، حرمانية اللواط بوجه الخصوص، والشذوذ الجنسي بشكل عام من قصة قوم النبي لوط عليه السلام وقد اقترن الشذوذ الجنسي في القرآن الكريم بقوم لوط تمام الاقتران، حتى أن البعض يقول أنهم كانوا غير مشركين لعدم نص القرآن الكريم على ذلك، وأنهم عوقبوا في الأصل، بسبب تلك الفاحشة وتوابعها، وكما شدد الإسلام العقوبة على هذه الخطيئة لما تقود إليه من إفساد الحياة الاجتماعية وانحلال القيم والأخلاق في المجتمع، وإن للعلماء رأيان واضحان.
فيما يخص عقوبة فيمن ثبُت قيامه باللوطية، فمع إجماع العلماء على حرمة هذه الجريمة، وعلى وجوب أخذ مقترفيها بالشدة، إلا أن العقوبة كانت على ثلاثة آراء واضح تباينهما، فقال البعض لا حد للائط، فهؤلاء يقولون أن اللائط لا يُقتل ولا يُحد حد الزنى، وإنما يعزر بالضرب والسجن ونحو ذلك، واحتج من يقولون هذا القول، ومنهم أبو حنيفة بأن الصحابةَ اختلفوا فيه، وإن اختلافهم فيه يدل على أنه ليس فيه نص صحيح، وأنه من مسائل الاجتهاد، والحدود تدرأ بالشبهات، وقالوا ولا يتناوله اسم الزنى لأن لكل منهما اسما خاصا به، ومن العلماء من قال حد اللواط هو حد الزنا فإن كان محصنا فعقوبته الرجم، وإن كان غير محصن فعقوبته الجلد والتغريب، وهذا رأي الإمام أحمد، ومما بُني عليه هذا الحكم، الحديث “إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان”
ومن العلماء من قال أن حد اللواط هو القتل، فيجب قتل الفاعل إن ثبت عليه بالطريقة المذكورة في التشريع الإسلامي، ولكن على اختلاف في طريقة القتل، وذلك على مذاهب ثلاثة، وهى الأول وهو رأي أصحاب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والقاسم بن إبراهيم، والشافعي في قول من أقواله وهؤلاء يقولون أن حده القتل ولو كان بِكرا، سواء كان فاعلا أو مفعولا به، فيصل حد اللواط عند معظم الفقهاء المسلمين إلى القتل بناء على أحاديث واردة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم “من وجتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ” ويرون كذلك أن تشديد الإسلامِ في تلك العقوبة يرجع إلى عواقبها الوخيمة على الفرد والمجتمع ومن ذلك أنها تصرف الرجل عن العلاقة الفطرية السليمة والتي تؤدي إلى إيجاد النسل وإبقاءه
وكذلك تؤدي إلى الاختلالات النفسية والعصبية مؤدية في النهاية ارتكاب مختلف الجرائم، كالخطف والسطو والاغتصاب واستخدام العنف والمخدرات والخمر وكل فعل رذيل، وأما الرأى الثاني، وهو رجم من عمل هذا العمل، ومن يقولون بهذه العقوبة، يستدلون، في الأغلب، بحديث رجم الإمام على بن ابى طالب رضى الله عنه، لأحد مرتكبي هذه الفعلة، ومن أصحاب هذا الرأي الشافعي، في أحد أقواله، حيث قال بأنه بهذا نأخذ رجم من يعمل هذا العمل، محصنا كان أو غير محصن، وأما الرأى الثالث، هو الحرق بالنار، ويذكر من يقولون بهذا الرأي أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه، جمع الناس في حق رجل ينكح كما ينكح النساء، فسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فكان من أشدهم يومئذ قولا الإمام علي بن أبي طالب، قال.
هذا ذنب لم تعص به أمة من الأمم، إلا أمة واحدة، وصنع الله بها ما قد علمتم، نرى أن نحرقَه بالنار، فكتب أبو بكر الصديق رضى الله عنه إلى خالد بن الوليد يأمره أن يحرقه بالنار، ويرد من يعارض هذا الرأي بأنه قد نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الإحراق بالنار، ويُرجعون تلك الروايات التي وردت عن الصحابة إلى الرد للضعف والإنكار والوضع، وأنها وإن حدثت، فذكر أنها كانت للجثة وأنها أيضا لا تثبت اطرادا بهذه الروايات، ولا تبتعد أحكام اللواط في الإسلام وحدودها كثيرا عن الرؤية التوراتية والإنجيلية، فتلك الأديان السماوية حرَّمت هذه الجريمة، فقد جاء في التوراة لعن اللوطية ومعاقبتهم بالقتل، أما النصرانية، فإنها لم تستقذر هذه العلاقة الجنسية الشاذة فحسب، بل ذهبت أبعد من هذا حين نظرت إلى الممارسات الجنسية السليمة المشروعة بين الأزواج على أنها قذارة أيضا.