الدكرورى يكتب عن مشروعية صيام التطوع “جزء 2”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مشروعية صيام التطوع “جزء 2”
ونكمل الجزء الثاني مع مشروعية صيام التطوع، فالمطلق هو الصوم في غير الأيام المنهي عن الصوم فيها، من غير تقييد بزمن، والنفل المقيد أفضل من النفل المطلق، والنفل المؤكد أفضل أنواع صوم النفل المقيد، وهو ما ثبت بالسنة المواظبة عليه والحث على فعله، وصوم النفل المقيد هو الذي ثبت بالسنة استحبابه مقيدا بزمن مخصوص، مثل يوم الإثنين والخميس من كل أسبوع، وثلاثة أيام من كل شهر، وأنواع صوم النفل المقيد كثيرة منها، الصوم في شهر المحرم وصوم يوم عاشوراء وصوم ست من شوال وصوم يومي الإثنين والخميس وصوم ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة لغير الحاج وصوم يوم وفطر يوم وغير ذلك، وصوم النفل أو صوم التطوع، والنفل بمعنى الزيادة المشروعة على الفرض على وجه مخصوص، والتطوع بمعنى ما يشرع فعله من غير إلزام، ويسمى أيضا الصوم المندوب، أو المستحب.
وهو ما اقتضى الشرع فعله من غير إلزام، والصوم الذي اقتضى الشرع فعله إما على وجه الإلزام، وهو صوم شهر رمضان، وكل صوم واجب بنذر أو قضاء وغيره، وإما على غير وجه إلزام وهو صوم التطوع، وهو النوع الثاني من أنواع الصيام، وهو ما ليس بواجب، فهو بمعنى المستحب، سواء كان مقيدا أو مطلقا، ويشمل أنواعا متعددة، وقد شرع صوم التطوع من أجل جبر الخلل الذي يحصل في الفريضة، ومن أجل زيادة الأجر والثواب، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا ” وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال، قال رسول الله “إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ”
وعن عامر بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء” وصوم النفل أنواع، فهو إما نفل مطلق، أو مقيد، فالمطلق هو المندوب فعله في الشرع من غير تقييد له بخصوصه، كمن أراد أن يصوم يوما، فله أن يصوم في غير الأقات المنهي عن صيامها، والنفل المقيد هو الذي ورد في الشرع استحبابه بخصوصه، وهو أنواع منها صوم يوم عاشوراء، وصوم الإثنين والخميس، والصوم من حيث هو قربة يتقرب بها العبد إلى الله، وهو إما فرض أو تطوع، فالفرض أفضل ما تقرب به العبد وفي الحديث القدسي “وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه” وأما التطوع فهو زيادة في التقرب إلى الله، وفي الحديث القدسي “ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه” وصوم التطوع سنة قربة عظيمة.
فقد جاء في بعض الأحاديث عن أبي ذر الغفارى رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأبي ذر ” عليك بالصوم، فإنه لا مثل له ” فالصوم له شأن عظيم، فينبغي للمؤمن أن يكثر من الصيام، وفي الحديث الصحيح يقول الله عز وجل “كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها” ويقول الله عز وجل “إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي” وللصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك هذا يعم الفرض والنفل، فالصوم له شأن يستحب الإكثار منه، وأفضله أن تصوم يوما وتفطر يوما، وهذا أحسنه، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن عمرو إلى ذلك، وقال ” إنه صوم داود وإنه أفضل الصيام شطر الدهر، يصوم يوما ويفطر يوما وإن شاء صام الإثنين والخميس”
وهكذا فإن صيام التطوع من أعظم شعب الإيمان، ولقد شرع الله سبحانه وتعالى النوافل والتطوعات لعباده المؤمنين بعد أن يحكموا الفرائض والواجبات فضلا منه ونعمة، وذالك لحكمة عظيمة الا وهي اولا زيادة الايمان وكثرة الحسنات والتقرب من الرحمن وثانيها جبر النقص الحاصل في الفرائض والواجبات، فمهما تحرز المؤمن في اداء العبادة لابد ان ينقص منها، والدليل على هاتين الحكمتين، حيث قال الله سيحانه وتعالى عن الصلاة فى سورة العلق “فاسجد واقترب” فبالسجود تقترب من الله عز وجل، وهي النوافل، وقال عز وجل فى سورة الإسراء “ومن اليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا” وقال رجل يارسول الله اسالك مرافقتك في الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اعني على ذالك بكثرة السجود “