نبي الله داود عليه السلام ” جزء 20″

الدكرورى يكتب عن نبي الله داود عليه السلام ” جزء 20″

بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 20″

ونكمل الجزء العشرون مع نبي الله داود عليه السلام، وأما عن قصة نبي الله داود عليه السلام مع طالوت وجالوت؟ فتبدأ قصة داود مع طالوت وجالوت منذ أن أوحى الله لنبيه أن هناك غلام سيقتل جالوت وسيكون الملك، وآية ملكه أن يفيض الماء من قرن يضعه النبي على رأسه، واتفقت هذه العلامات مع نبى الله داودعليه السلام، وكان وقتئذ راعيا للأغنام، ولما أمر الله تعالى طالوت أن يغزو أهل مدين ويقتلهم جميعا خالف طالوت أمر ربه وأبقى ملك مدين حي، فعاقبه الله تعالى بنزع الملك منه وجعله في داود عليه السلام، وذلك بعد أن برز طالوت بجيشه وجالوت بجيشه، فقال جالوت لطالوت بارزني أو أخرج من يبارزني وإن قتلني فله ملكي، فبرز داود لجالوت في المعركة فقتله، واجتمعت بني اسرائيل حول داود عليه السلام، وأحبوه، فآتاه الله الملك والنبوة.

وأما عن العبر المستفادة من قصة داود عليه السلام؟ فقد تضمنت قصته عليه السلام العديد من الأمور التي تسترعي الانتباه والاهتمام خاصة فيما يتعلق بالجانب الإيمانى وأثره القوي على النفس البشرية حيث يكون الحافز والمحرك لمواجهة كافة أشكال ومظاهر الجبروت والطغيان كما فعل داود عليه السلام مع جالوت، كما تضمنت السورة، وهو تكريم الله تعالى لأنبيائه في الدنيا والآخرة، وقد كان تكريم الله لداود عليه السلام لأنه أواب وتائب، وكذلك الإيمان الصادق والثقة بالله هي سلاح المؤمن والذي سيجزيه الله عليه كل خير، وكذلك استحباب التحلي بمكارم الأخلاق وخاصة في القضاء وفصل الخصام فيجب عدم اتباع الهوى، وكذلك التشجيع على العمل وكسب القوت بالحلال من العمل الدؤوب والجاد كما كان يفعل داود عليه السلام.

وقد جاء ذكر نبى الله داود عليه السلام، في القرآن الكريم ست عشرة مرة تارة مع عدد من الأنبياء وتارة في سياق منفصلٍ عنهم، وأما عن موضوع الخلطاء والشركاء فإنك ترى كثيرا من الشركاء فعلا إذا دخلوا في شراكة يبغي واحد على الآخر، إما بأن يأخذ من رأس المال له، أو يأخذ من الربح أكثر، أو يحمل الطرف الآخر خسارة ليس عليه أن يتحملها، أو يكتم شيئا من الأرباح، أو يجعل لنفسه ربح صفقة دون شريكه، أو يعطيه صفقة تافهة، ويأخذ هو صفقة جيدة، وطبعا هذا لا يجوز في الشراكة، لو اشترك اثنان على أن يأتي ببضائع لبيعها، فقال الأول أنا لي ربح حمولة الباخرة الأولى، ولك ربح حمولة الباخرة الثانية، لا يجوز محرم، ومن الظلم، أن شركة المضاربة المال من واحد والعمل من واحد، يأخذ المضارب المال، ويعبث به لأنه مال الآخر.

فيغامر به مغامرات خطيرة غير مدروسة، ولا محسوبة فيؤدي ذلك إلى خسارة صاحب المال ماله، وربما يسافر بدرجة أعلى من المتفق عليه، وينزل في فنادق أعلى من المتفق عليه، ويبذخ في السفر، ثم يقول له هذه كلفة الرحلة التجارية، إذا ” وإن كثيرا من الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض ” إلا صنف لا يبغي من هم “الذين آمنوا وعملوا الصالحات ” فأولئك عندهم من الإيمان والعمل الصالح ما يمنعهم من الظلم، والعمل الصالح ما جمع الشرطين، الإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ومن هنا يقول الله تعالى كما جاء فى سوة الكهف ” فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا” فهذا المؤمن الذي يعمل الصالحات إيمانه وعمله الصالح يمنعه من البغي والظلم، ويجعله أمينا لا يأكل حق غيره.

ومن نقص إيمانه وعمله الصالح فإن هذا سيجعله يتردى في البغي، لكن أيهما أكثر الذين يبغون من الشركاء أو الذين يعدلون؟ الذين يبغون أكثر، وهكذا فإن من الدروس والعبر المستفادة من القصة هو إن التثبت والبينة من علامات صحة القضاء، وينبغي أن نتروى إذا أردنا أن نحكم حتى بين الأولاد، فإن بعض الآباء يذهب ليضرب المدعى عليه مباشرة، فيأتي ولد يشتكي أخاه فيضرب الآخر قبل أن يسمع من الآخر، وكذلك تفعل الأم، ويذهب المدرس ليعاقب الطالب المشتكى عليه قبل أن يسمع منه، والقاضي يجب عليه أن يتحرى أكثر وأكثر لأن القضايا المنظورة عنده أخطر وأكبر، ومن القصة أيضا نأخذ أسلوب القرآن في التشويق عند عرض القصص، وكذلك أهمية إتيان البيوت من أبوابها لأن عدم إتيان البيوت من أبوابها يسبب الفزع لأهل البيت.