الدكرورى يكتب عن أمك ثم أمك ثم أمك ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أمك ثم أمك ثم أمك ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع أمك ثم أمك ثم أمك، فقال الإمام الشافعى رحمه الله أطع الإله كما أمر، وأملأ فؤادك بالحذر، وأطع أباك فإنه، رباك في عهد الصغر، واخضع لأمك وأرضها، فعقوقها إحدى الكبر، فإن حق الأم على الولد عظيم، وشانها كبير، فلا يدعها باسمها، بل نادها بما تحب من اسم أو كنية، لا تجلس قبلها، ولا تمشي أمامها، قابلها بوجه طلق، قبل رأسها، والثم يدها، إذا نصحتها فبالمعروف من دون إساءة، أجب دعوتها إذا دعتك من دون ضجر أو كراهية، تكلم معها باللين، أطعمها إذا جاعت، أو اشتهت صنفا وإن تأنيت في ذلك، أهدها قبل أن تسأل شيئا، تحسس ما تحب فاجلبه لها، كان خادما مطيعا لها، أطعها في غير معصية، لا تسبقها بأكل أو شرب، أبهجها بالدعاء لها آناء الليل وأطراف النهار بالرحمة والمغفرة، غض الطرف عن أخطائها وزلاتها.
لا تتأسف أو تحدث أحدا عن سبيل الشكاية أو النكاية، وقرها واحترمها، لا تتكبر عليها فقد كنت في أحشائها وبين يديها، أدخل السرور عليها، صاحبها بالمعروف، اطلب الدعاء منها فله تفتح أبواب السماء، وإعلم أن بر الوالدين لا ينتهي بموتهما، فعن أبي أسيد الساعدي قال فيما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل من بني سلِمة فقال يا رسول الله، هل بقي من بر أبويّ شيء أبرهما بعد موتهما؟ قال صلى الله عليه وسلم” نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما وانفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما” فإن بر الوالدين يستمر في ذرية الإنسان وعقبِه من بعده، فعن ابن عمر رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعِفّوا تعف نساؤكم” كذلك بر الوالدين يزيد في العمر.
فعن سهل بن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من بر والديه طوبى له، زاد الله في عمره” وإن من العجب العجاب أن ترى أنسانا قد أحاطت به الأرزاق من كل جانب وارتفع مستواه الاجتماعى والمادى والمعنوى وعاش فى الترف وطغا وبغا وتكبر على أمه وأعمت الدنيا بصره وطمست على قلبه وعق أمه بسبب الحرص على الدنيا وحب الشهوات والزوجة الحسناء التي لا تفقه في دينها ولا دنياها وقد أجاد الكثير في ذلك حيث تبرأ أحدهم من أمه وألقى بوالدته المراكز الاجتماعية، وقذف أحدهم والدته عبر الطرقات، ووضع أحدهم أمه بجانب النفايات، ورمى بعضهم أمه في المستنقعات ودعا أحدهم على والديه بالموت والهلاك، وطرد كل من الزوجين أمه في أماكن غير معروفة، وسب أحدهما والدته ولعنها وطردها وكأنها بهيمة.
والآخر يتمنى فراق والدته بمشورة من زوجته وهذا آخر يضرب أمه على وجهها بسبب إيقاظه لصلاة الفجر، والآخر لا يحب أمه ويحتقرها ويقول لها أنت كذا، وغير ذلك كثير من العقوق والمظاهر السيئة، أهكذا تكافأ الأم وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ وفي قصة أبان بن عياش يقول كنت عند أنس في البصرة، ويقول فخرجت من عنده، فإذا بجنازة يحملها أربعة من المسلمين الله أكبر، جنازة لا يحملها إلا أربعة، فيقول فتبعتها وقلت والله لأتبعن هذه الجنازة، جنازة ما يحملها إلا أربعة ولا يتبعها أحد، فيقول فدفناها، وبعد الدفن قلت لهم سبحان الله، ما شأن هذه الجنازة؟ فقال الرجال، سل هذه المرأة التي استأجرتنا، أربعة كلهم مستأجرين، تبعوا الجنازة وصلوا عليها ودفنوها، فيقول فتبعت المرأة، فيقول ولما جاءت إلى البيت، طرقت عليها الباب.
فقلت يا أمة الله، أخبريني عن شأن هذه الجنازة، فقالت هذه جنازة ابني، قلت وما شأنها؟ فقالت لما حانت ساعة الوفاة، قال لى يا أماه تريدين لي السعاة؟ فقلت نعم يا بني وكان رجلا فاسقا عاصيا عاقا، فقال لها يا أماه، إذا حانت ساعة الوفاة، فلقنيني الشهادة، ثم إذا مت لا تخبري أحدا بجنازتي، فإنهم يعرفون معصيتى، فإنهم إن عرفوا فلن يصلوا عليّ، ولكن ارفعي يديك إلى الله وقولى اللهم إني قد أمسيت راضية عنه فارض عنه، اللهم إني قد أمسيت راضية عنه فارض عنه، ثم ضحكت المرأة، فقال لها أبان ما يضحكك يا أمة الله؟ قالت والله، فعلت ما قال، فرفعت يدي، وقلت اللهم إني قد أمسيت راضية عنه فارض عنه، فإذا بي أسمع مناديا يناديني، ويقول لي يا أماه، يا أماه، قدمت على رب رحيم كريم غير ساخط عليّ ولا غضبان بدعوتك لي.