أبرهة بن الصباح الحبشي ” جزء 4″

الدكرورى يكتب عن أبرهة بن الصباح الحبشي ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

أبرهة بن الصباح الحبشي ” جزء 4″

ونكمل الجزء الرابع مع أبرهة بن الصباح الحبشي، فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم، يقال له “ذو نفر” فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله، وما يريد من هدمه وخرابه، فأجابوه وقاتلوا أبرهة فهزمهم لما يريده الله عز وجل من كرامة البيت وتعظيمه، وأسر “ذو نفر” فاستصحبه معه، ثم مضى لوجهه حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخشعمى فى قومه، شهران وناهس فقاتلوه، فهزمهم أبرهة، وأسر نفيل بن حبيب، فأراد قتله ثم عفا عنه، واستصحبه معه ليدله فى بلاد الحجاز، فلما اقترب من أرض الطائف خرج إليه أهلها ثقيف وصانعوه خيفة على بيتهم، الذى عندهم، الذى يسمونه اللات.

فأكرمهم وبعثوا معه “أبا رغال” دليلا، فلما انتهى أبرهة إلى المغمس، وهو قريب من مكة، نزل به وأغار جيشه على سرح أهل مكة من الإبل وغيرها، فأخذوه، وكان فى السرح مائتا بعير لعبد المطلب جد النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وكان الذى أغار على السرح بأمر أبرهة أمير المقدمة، وكان يقال له “الأسود بن مفصود ” فهجاه بعض العرب، فيما ذكره ابن إسحاق، وبعث أبرهة حناطة الحميرى إلى مكة، وأمره أن يأتيه بأشرف قريش، وأن يخبره أن الملك لم يجئ لقتالكم إلا أن تصدوه عن البيت، فجاء حناطة فدل على عبد المطلب بن هاشم، وبلغه عن أبرهة ما قال، فقال له عبد المطلب والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام.

وبيت خليله إبراهيم عليه السلام فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخلى بينه وبينه، فوالله ما عندنا دفع عنه، فقال له حناطة فاذهب معى إليه، فذهب معه، فلما رآه أبرهة أجله، وكان عبد المطلب رجلا جميلا حسن المنظر، ونزل أبرهة عن سريره، وجلس معه على البساط، وقال لترجمانه قل له حاجتك ؟ فقال للترجمان إن حاجتى أن يرد على الملك مائتى بعير أصابها لى، فقال أبرهة لترجمانه قل له لقد كنت أعجبتنى حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتنى، أتكلمنى فى مائتى بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، لا تكلمنى فيه؟ فقال له عبد المطلب إنى أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه، قال ما كان ليمتنع منى، قال له عبد المطلب أنت وذاك.

ويقال إنه ذهب مع عبد المطلب جماعة من أشراف العرب فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عن البيت، فأبى عليهم، ورد أبرهة على عبد المطلب إبله، ورجع عبد المطلب إلى قريش فأمرهم بالخروج من مكة والتحصن فى رءوس الجبال، تخوفا عليهم من معرة الجيش، ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده، وقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة” اللهم إن المرء يمنع رحله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك” وقال ابن إسحاق ثم أرسل عبد المطلب حلقة الباب، ثم خرجوا إلى رءوس الجبال، وذكر مقاتل بن سليمان أنهم تركوا عند البيت مائة بدنة مقلدة.

لعل بعض الجيش ينال منها شيئا بغير حق، فينتقم الله منه، فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ فيله وعبأ جيشه، فلما وجهوا الفيل نحو مكة أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنبه ثم أخذ بأذنه وقال “ابرك محمود وارجع راشدا من حيث جئت، فإنك فى بلد الله الحرام” ثم أرسل أذنه، فبرك الفيل، وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد فى الجبل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى، فضربوا فى رأسه بالطبرزين وأدخلوا محاجن لهم فى مراقه فبزغوه بها ليقوم، فأبى فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى مكة فبرك، وإذ هم في انشغالهم حتى خرجت طيور من البحر تحمل ثلاث حجارة.