طالوت وجالوت ” جزء 3″

الدكرورى يكتب عن طالوت وجالوت ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

طالوت وجالوت ” جزء 3″

ونكمل الجزء الثالث مع طالوت وجالوت، فهو تعالى الفضل كثير الكرم، لا يخص برحمته وبره العام أحدا عن أحد، ولا شريفا عن وضيع، ولكنه مع ذلك ” عليم” بمن يستحق الفضل فيضعه فيه، فأزال بهذا الكلام ما في قلوبهم من كل ريب وشك وشبهة لتبيينه أن أسباب الملك متوفرة فيه، وأن فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده، ليس له راد، ولا لإحسانه صاد، ثم ذكر لهم نبيهم أيضا آية حسية يشاهدونها وهي إتيان التابوت الذي قد فقدوه زمانا طويلا وفي ذلك التابوت سكينة تسكن بها قلوبهم، وتطمئن لها خواطرهم، وفيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون، فأتت به الملائكة حاملة له وهم يرونه عيان، وأما عن الملك شاؤول أو الملك طالوت.

كما ورد في القرآن الكريم بسورة البقرة، كان هو أول ملك لبني إسرائيل وهو أحد شخصيات العهد القديم، وهو من سبط بنيامين بن يعقوب عليهما السلام، وقد اختاره النبي صموئيل بأمر من الله تعالى بعد أن طلب منه بنو إسرائيل ملكا يقودهم في الحرب وانتقدت بنو إسرائيل اختيار النبى صموئيل لطالوت لأنه لم يكن ثريا، وقد وبخ النبى صموئيل بني إسرائيل، وقاد طالوت بني إسرائيل إلى الانتصار على جيش جالوت الذي قتل على يد داوود، ولم يكن طالوت نبيا، وقد حكم من قرابة عام ألف إلى عام ألف وعشرين قبل الميلاد، وكان بنو إسرائيل مقسمين إلى قبائل عدة وحكامها كانوا يسمون بالقضاة، وقد انتشرت بينهم الحروب والنزاعات مما سمح للشعوب الأخرى.

بغزو فلسطين، فطلب بنو إسرائيل من نبيهم صموئيل أن يختار لهم ملكا فعيّن عليهم الملك شاؤول الذي أصبح ملكا على إسرائيل، وقد اصبح بعده النبي داوود عليه السلام ملكا، وقد ظل بنو إسرائيل بعد مجيئهم إلى فلسطين بعد نبى الله موسى عليه السلام، وتعرضوا في تلك الفترة لغزوات الأمم القريبة منهم كالعماليق، وأهل مَدين وفلسطين والآراميين وغيرهم، فمرة يَغلبون وتارة يُغلبون، وقد كان العبرانيون في حرب مع جالوت وجيشه، فغلبهم جالوت وأخذ تابوت العهد منهم وهو التابوت أى الصندوق الذي فيه التوراة أي الشريعة، فعزَّ عليهم ذلك لأنهم كانوا يستنصرون به، وعندما طلبت بني إسرائيل من نبيهم صموئيل ملكا من بعد نبى الله موسى عليه السلام.

اختار لهم الله طالوت، ولكن بني إسرائيل لم تجده جديرا بالعرش، لأنه كان طالوت ذو بسطة في علمه وبنيته، فاخبرهم النبى صموئيل أن الدليل المادي على ملكه هو عودة التابوت الذي أخذه منهم العماليق إليهم، وأن الملائكة تحمله إلى بيت طالوت تشريفا وتكريما له، فرضوا به، وقد قام طالوت بتكوين الجيش وجمع الجنود لمحاربة العماليق بزعامة أو إمارة جالوت الجبار الذي كان قائدهم وبطلهم الشجاع الذي يهابه الناس، وتم فعلا اختيار سبعين أو ثمانين ألفا من شباب بني إسرائيل، وخرج معهم لقتال الأعداء، ولكن حكمة القائد طالوت ومعرفته بهم وتشككه في صدقهم وثباتهم دفعته إلى اختبارهم في أثناء الطريق وفي وقت الحر بالشرب من نهر بين فلسطين والأردن.

فتبين له عصيان الأكثرين، وطاعة الأقلين، فتابع الطريق وتجاوز النهر مع القلة المؤمنة، ولكن بعضهم قالوا حين شاهدوا جيش جالوت لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده، فرد عليهم الآخرون بأنه كثيرا ما غلبت الفئة القليلة فئات كثيرة بإذن الله، وكان من حاضري الحرب داود بن يسّى الذي كان شابا صغيرا راعيا للغنم، لا خبرة له بالحرب، أرسله أبوه ليأتيه بأخبار إخوته الثلاثة مع طالوت، فرأى جالوت يطلب المبارزة، والناس يهابونه، فسأل داود عما يكافأ به قاتل هذا، فأجيب بأن الملك يغنيه غنى جزيلا، ويعطيه ابنته، ويجعل بيت أبيه حرا، فذهب داود إلى طالوت يستأذنه بمبارزة جالوت أمير العماليق وكان من أشد الناس وأقواهم، فضن به وحذره.