الدكرورى يكتب عن بلال بن رباح الحبشي ” جزء 9″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
بلال بن رباح الحبشي ” جزء 9″
ونكمل الجزء التاسع مع بلال بن رباح الحبشي، ومن فضائله، هو عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر” يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دفّ نعليك بين يدى في الجنة” قال بلال ما عملت عملا فى الإسلام أرجى عندى من أني لا أتطهر طهورا فى ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي ” رواه البخارى ومسلم، ودف نعليك، يعني تحريك، وعن سعيد بن عبد العزيز، وابن جابر وغيرهما أن بلالا لم يؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد الجهاد، فأراد أبو بكر منعه، فقال إن كنت أعتقتني لله، فخل سبيلي قال فكان بالشام حتى قدم عمر الجابية، فسأل المسلمون عمر.
أن يسأل لهم بلال يؤذن لهم، فسأله، فأذن يوما، فلم ير يوما كان أكثر باكيا من يومئذ، ذكرا منهم للنبي صلى الله عليه وسلم، أما عن اسم زوجته فهى هالة بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف كما ذكر ذلك صاحب الإصابة، نقلا عن الرافعى في كتابه فتح العزيز الشرح الوجيز، ورواه الدار قطني وهو أثر صحيح، ولقد مات بلال رضي الله عنه سنة عشرين من الهجرة، أى بعد إمامه بتسع سنوات، تسع سنوات على فراق المصطفى صلى الله عليه وسلم وحرارة الشوق لم تبرد، بقى طوال هذه المدة وحياته اليومية على السنة التي تعلمها من النبي صلى الله عليه وسلم لم يغيّر قيد أنملة، ولهذا كان ذلك الاشتياق، ومات بلال رضي الله عنه في بلاد الشام مرابطا في سبيل الله.
كما أراد، وهناك وتحت ثرى دمشق رجل من أعظم رجالات هذا الدين توفى بلال رضي الله عنه وله بضع وستون سنة، وذلك سنة ثمانى عشرة، وقيل سنة عشرين للهجرة الشريفة، ودفن بباب الصفير، على ما صححه ابن كثير في البداية والنهاية، قال ابن الأثير وله أخ اسمه خالد، وأخت اسمها غفيرة، ولم يعقب بلال، أي لم يترك عقبا وهو الولد، وكان عندما ذهب بلال يتعلم الإسلام، حتى إذا كان اليوم الرابع، فمر أبو جهل بأهل عبد الله بن جدعان فقال ” إني أرى غنمك قد نمت وكثر لبنها؟” فقالوا ” قد كثر لبنها منذ ثلاثة أيام، وما نعرف ذلك منها” فقال ” عبدكم ورب الكعبة يعرف مكان ابن أبى كبشة، فامنعوه أن يرعى المرعى ” فمنعوه من ذلك المرعى.
وكان بلال بن رباح من السابقين إلى الإسلام ومن المستضعفين الذين عُذبوا ليتركوا الدين الحنيف، واشتهر بلال بصبره على التعذيب، وقولته الشهيرة تحت التعذيب “أحد أحد”، وقد هاجر بلال إلى يثرب ونزل على سعد بن خيثمة، وآخى النبى صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبيدة بن الحارث بن المطلب، وقيل بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، ويوم فتح مكة، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلال بأن يعتلي الكعبة، ويؤذن فوقها، ففعل، ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أبى بلال أن يؤذن لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة ناشدوه فيها أن يؤذن، فأذن حتى بلغ قوله “أشهد أن محمداً رسول الله”، فأجهش بالبكاء، وما استطاع أن يتم الأذان.
وقد عرف إسلامه عندما دخل بلال يوما الكعبة وقريش في ظهرها لا يعلم، فالتفت فلم يرى أحدا، أتى الأصنام وجعل يبصق عليها ويقول “خاب وخسر من عبدكن” فطلبته قريش فهرب حتى دخل دار سيده عبد الله بن جدعان فاختفى فيها، ونادوا عبد الله بن جدعان فخرج فقالوا “أصبوت؟ قال “ومثلى يُقال له هذا؟ وبدأ العذاب فقد كانوا يخرجون به في الظهيرة في صحراء مكة، فيطرحونه على حصاها الملتهب وهو من غير لباس، ثم يأتون بحجر متسعر ينقله من مكانه بضعة رجال ويلقون به فوقه، ويصيح به جلادوه أذكر اللات والعزى فيجيبهم “أحد، أحد” وكما كان يبالغ في تعذيبه حتى يرجع عن إسلامه، ولكن بلال بقي صابرا ثابتا على دينه، وبالمقابل كان أبو جهل يقوم بتعذيبه.