بئر برهوت ” سجناً للأرواح المعذبة ” وهو أبغض البقاع إلى الله تعالى

بئر برهوت ” سجناً للأرواح المعذبة “

وهو أبغض البقاع إلى الله تعالى

بقلم : د. احمد ممدوح ( احمد عمارة )

بئر برهوت ” سجناً للأرواح المعذبة ”

وهو أبغض البقاع إلى الله تعالى

على مدى قرون كثيرة، اعتقدوا الناس بان بئر برهوت، قد يكون مسكناً للجن، أو سجناً للأرواح المعذبة، وان من يزور هذا البئر يخرج جسداً بلا رأس، وقد تبتلع كل ما يقترب منها. حتى أن البعض يتجنبون مجرد التحدث عن هذا البئر، خشية التعرض للموت المحقق.

ويقع بئر برهوت، على بعد قرابة ١٣٠٠ كيلومتر، شرق العاصمة صنعاء باليمن، قرب الحدود مع سلطنة عمان، في صحراء محافظة المهرة.

 

وتقول الخرافات المحلية أن الأشياء القريبة من الحفرة يمكن أن تنجذب نحوها.

 

ويقول الفولكلور المحلي إنها أنشئت كسجن للشياطين، نتيجة لخروج الروائح الكريهة والسامة التي تتصاعد من أعماقها، بينما أطلق عليها آخرون اسم “فم الجحيم”.

 

ويقول الحديث: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم، وشر ماء على وجه الأرض ماء برهوت بقبة حضرموت كرجل الجراد من الهوام، يصبح يتدفق، ويمسي لا بلال بدبها”.

والإمام الالباني أورده في الصحيح، وتابع “يقال إنه فوهة لجهنم وأن أرواح الكفار تكون فيه، ونقل عن بعض الشافعية كراهة التوضؤ بالماء الذي فيه”.

 

و تلك الحفرة هي المشار إليها بآية (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) في قوله تعالى “فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ”.

 

وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان: «بُرهوْت» بضم الهاء وسكون الواو وتاء فوقها نقطتان: وادٍ باليمن يوضع فيه أرواح الكفار، وقيل برهوت بئر بحضرموت، وقيل: هو اسم للبلد الذي فيه هذه البئر، ورواه ابن دريد «بُرْهوت» بضم الباء وسكون الراء، وقيل: هو واد معروف.

 

كما رُوِيَ عن علي بن أبي طالب قوله أن: «أبغض البقاع إلى الله تعالى وادي برهوت بحضرموت فيه بئر ماؤها أسود منتن يأوي إليه أرواح الكفار»، ولقد ذكرها الإمام الشافعي في مذهبه، حيث قال أنَّ الماء المكروه ثمانية أنواع: المشمس، وشديد الحرارة، وشديد البرودة، وماء ديار ثمود إلا بئر الناقة، وماء ديار قوم لوط، وماء بئر برهوت، وماء أرض بابل، وماء بئر ذروان.

 

ومن القصص التي تروى عن هذه البئر ما ذكرها الأصمعي عن رجل حضرمي أنه قال: إنا نجد من ناحية برهوت رائحة منتنة فظيعة جداً فيأتينا الخبر أن عظيماً من عظماء الكفّار قد مات.

 

ويحكى أن رجلاً بات ليلة بهذا الوادي؛ قال: فكنت أسمع طول الليل «يا دومة يا دومة» فذكرت ذلك لبعض أهل العلم فقال: إن الملك الموكل بأرواح الكفار اسمه دومة.

 

و قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: إن فيه أرواح الكفار والمنافقين، وهي بئر عادية في فلاة واد مظلم، وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: أبغض بقعة في الأرض إلى الله عز وجل: وادي برهوت بحضرموت، فيه أرواح الكفار، وفيه ماؤها، أسود منتن، تأوي إليه أرواح الكفار، وعنه أنه قال: شر بئر في الأرض: بئر بلهوت في برهوت، تجتمع فيه أرواح الكفار.

 

و لا يُرى ما داخلها إلا عندما تكون أشعة الشمس متعامدة تمامًا مع الفجوة، تسكنها الحمائم البيضاء والافاعي الكبيرة، ويُسمع صوت ماء جارٍ في أعماق البئر،

وفيها تعيش الخفافيش والثعابين وتنتشر منها رائحة كبريتية بالإضافة إلى الرطوبة العالية.

 

ولقد قام فريقاً من المستكشفين العمانيين بسبر أغوار هذه البئر، والإعلان عن الحقائق العلمية التي خرجوا بها، دون أن يصبهم أي سوء أو لعنات الخرافات التي نسجتها الذاكرة الشعبية حول البئر.

 

وتم التقاط مجموعة من الصور أظهرت تفاصيل داخلية للبئر، واحتوائه على مياه عذبة وشلالات تتفجر من بين جدرانه.

 

وبحسب موقع “شؤون عمان” فإن الفريق العماني لاستكشاف الكهوف وثّق واستكشف بئر برهوت في اليمن بالتعاون مع هيئة المساحة الجيولوجية.

كما تظهر صور نزول الفريق إلى قاع البئر، السمات الجيولوجية والبيئية للبئر، وقيامهم بالتقاط مجموعة من الصور وجمع البيانات، وأخذ عينات صخرية من قاع حفرة البئر.

 

اما موقع البئر واتساعه : فتقع حفرة البئر على الشارع المؤدي إلى منطقة فوجيت، والتي تربط بين مدينتي شحن والغيضة في محافظة المهرة.

 

وتبدو برهوت كمعلم بارز يظهر بوضوح من صور الأقمار الصناعية، وهي تقع بين سهول وجبال صغيرة تتكون أغلبها من الصخور الجيرية، وتصب فيها مجموعة من الشراج المائية الصغيرة، حسب الموقع العماني.

 

ووفق رواية السكان المحليين فإن الحفرة لم تستكشف أو توثق قبل زيارة الفريق العماني لاستكشاف الكهوف لها، ولم يستطع الفريق عموماً العثور على توثيق سابق للحفرة.

 

ويبلغ عمق بئر برهوت ١١٢ متراً، وعرضها عند السطح ٣٠ متراً، وهذا العرض يتسع في أسفل الحفرة ليبلغ ١١٦ متراً، كما يتباين عرض الحفرة تبعاً لقوة الصخور المحيطة بأجزائها المختلفة، إذ تتسع الحفرة نسبياً في الطبقات الصخرية الأقل صلابة.

 

ومحيط الحفرة عموماً دائري الشكل، وهي تحتوي على كثير من التجاويف الصغيرة والحيود الصخرية الحادة.

وعلى عمق ٦٥متراً من السطح تقريباً تنبثق المياه من جوانب الحفرة لتكوّن شلالات بديعة، وتختلف هذه الشلالات في غزارة مياهها المتدفقة واستمراريتها.

 

ويعد الشلال الشرقي أنشط تلك الشلالات، في حين يتقطع تدفق المياه من الشلال الجنوبي، وتحتوي الحفرة على مجموعة متنوعة من الترسبات الكهفية، ما يمنح البئر سمات سياحية جاذبة في حالة تم استثمارها حكومياً.

 

كما يحتوي البئر على نشاط حيوي، حيث تعيش فيه مجموعة مختلفة من الكائنات الحية، كالأفاعي والضفادع والخنافس.