الدكرورى يكتب عن هند بنت ابى أمية المخزومية “جزء 1”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
هند بنت ابى أمية المخزومية “جزء 1”
السيدة أم سلمة هي أم المؤمنين هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، وهى ابنة عم القائد خالد بن الوليد وأبي جهل بن هشام، وكانت متزوجة من الرجل الصالح أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، ويعتبر أبوها من سادات قريش، وشُهد له بالكرم والسخاء، حتى لقب بلقب زاد الركب، حيث كان إذا ما رافقه أحد في السفر منعه من تزوّد الطعام ويكفيه ذلك، وقبل أن نبدء الحديث عن السيده أم سلمه يجب علينا أن نعلم أن الله سبحانه وتعالى كتب الجهاد في سبيله على الرجال دون النساء، إلا أن ذلك لم يمنعهن من المشاركة في المعارك والحروب الإسلامية من خلال مداواة الجرحى وتطبيبهم، وما يحمله ذلك من المخاطر على أرواحهن.
وقد سجلت كثير من الصحابيات الكرام مواقف بطولية شهد بها التاريخ، ومن هؤلاء الصحابيات هى السيدة نسيبة بنت كعب أم عمارة رضي الله عنه التي وقفت موقفا بطوليا في غزوة أحد حينما لم تكتفى بمهمة تطبيب الجرحى بل باشرت بنفسها القتال في سبيل الله والذب عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حينما انفض عنه الكثيرون، وكذلك محبة العلم الشرعي والتعلم، فعلى الرغم من أن الصحابيات كن يتميزن بالحياء الشديد، إلا أن ذلك لم يمنعهن من السؤال عن العلم والتعلم، فقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تقول رحم الله نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء عن السؤال في الدين والتفقه فيه.
وكما كانت رضي الله عنها عالمة متعلمة، تحرص على أن تنهل من علم النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قيل إن ربع علوم الشريعة عند عائشة رضى الله عنها، وكذلك أيضا الاستجابة لأمر الله تعالى والالتزام به، فمما تميزت به الصحابيات الكرام أنهن كن حريصات على تطبيق أوامر الله تعالى دون تردد أو تلكؤ، ومن الأمثلة على ذلك عندما نزلت آيات الحجاب حيث بادرت نساء المؤمنات كما روي إلى شق مروطهن والاختمار بها امتثالا لأمر الله تعالى، وكذلك أيضا الفطنة والكياسة وحسن التصرف، فقد كانت الصحابيات نساء عاقلات يجاهدن أنفسهن ويحملنها على الرأي السديد الراشد بعيدا عن الهوى والعاطفة.
ومن الأمثلة على ذلك ما فعلته إحدى نساء الأنصار حينما فقدت ولدها حيث عاد زوجها من عمله فلم تخبره بخبر ابنه إلا بعد أن تهيأت وتزينت واجتمعا في تلك الليلة، ثم بعد ذلك ذكرت له خبر وفاته بأسلوب غاية في الحكمة والفطنة وبما يبعث في النفس الإيمان والتسليم، وكذلك أيضا الصبر، فقد كانت الصحابيات في الصبر والتحمل، ومن الأمثلة على ذلك صبر نساء بني هاشم حينما حوصرن مع أهليهم في شعاب مكة ثلاث سنين ولم يزدهم ذلك إلا إيمانا وتسليما، وكانت السيده أم سلمه رضي الله عنها من أوائل من دخل إلى الإسلام، فتحملت هي وزوجها أبو سلمة أصناف العذاب والأذى من قريش.
ثم هاجرت وزوجها إلى الحبشة بعدما أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بذلك، فنالوا ما نالوا من المصاعب في هجرتهم، وعند هجرتهم الثانية إلى المدينة المنورة، فرقها قومها عن زوجها وابنها، وتعتبر السيده أم سلمة من أجمل النساء، وأشرفهن نسبا، وقد تشرفت رضي الله عنها برؤية أمين الوحى جبريل عليه السلام عندما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، وهي عنده، وكان بهيئة إنسان، وقد عُرف عن السيده أم سلمة رضى الله عنها، العديد من الصفات التي تميزت بها عن غيرها ومنها التضحية والصبر، اللذين ظهرا بشكل واضح عندما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بالهجرة إلى المدينة.
وكان فى الهجرة فرقها قومها عن زوجها وابنها، فبقيت في مكة مضحية في دينها وصابرة على الألم قرابة السنة، حتى سمحوا لها بالهجرة، والتي قامت بها وحيدة صابرة على عناء السفر حتى لقيها عثمان بن طلحة وأوصلها إلى المدينة، وقد كانت أم سلمة سببا في نزول العديد من آيات القرآن الكريم، والتي كانت أجوبة على تساؤلاتها العاقلة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وكذلك من صفاتها الحكمة، وقد ظهرت جليا في عدة مواقف، كمشورتها للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أن ينحر ويحلق دون أن يُكلم أحدا حتى يتبعوه في عمله يوم الحديبية.