الدكرورى يكتب عن هند بنت ابى أمية المخزومية “جزء 4”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
هند بنت ابى أمية المخزومية “جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع هند بنت ابى أمية المخزومية، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ” ما يبكيك؟” فقالت يا رسول الله، خصصتهم وتركتني وابنتي، فقال صلى الله عليه وسلم ” أنت وابنتك من أهل البيت ” ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على نسائه كان يبتدئ بأم سلمة رضي الله عنها، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صلى العصر دخل على نسائه واحدة واحدة، يبدأ بأم سلمة رضي الله عنها، لأنها أكبرهن، وكان يختم بي، وكانت أم سلمة رضي الله عنها طيبة عفيفة، ولها مكانتها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعيالها تربوا في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم، راجع لحكمة جليلة.
وهي أنها غدت بعد زوجها أبي سلمة رضى الله عنه، من غير عائل أو كفيل، وهي مع زوجها رضي الله عنهما قد منحا الدعوة كل ما يملكانه من مال ونفس وتضحية، فأبدلها الله بزواجها من النبي صلى الله عليه وسلم كل خير فقدته، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمها ويهديها، ولما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم، أم سلمة رضي الله عنها، قال لها ” قد أهديت إلى النجاشى حله وأواقى من مسك ولا أرى النجاشى إلا وقد مات، ولا أرى إلا هديتى مردوده على، فإن ردت على فهى لك ” قال وكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وردت عليه هديته، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك.
وأعطى أم سلمة بقية المسك والحُلة، وكانت أم سلمة رضي الله عنها، سببا مباشرا لنزول بعض الآيات الكريمة من القرآن الكريم، فعن مجاهد قال قالت أم سلمة يا رسول الله، تغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث فنزلت كما فى سورة النساء ” ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن” ونزلت أيضا كما فى سورة الأحزاب ” إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات” وكانت أم سلمة أول ظعينة قدمت المدينة مهاجرة، وعن عمرو بن دينار، عن سلمة رجل من آل أمِ سلمة قال قالت أم سلمة يا رسول الله، لا نسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء؟
فأنزل الله عز وجل كما جاء فى سورة آل عمران” فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثي” وكان لأم سلمة أربعة أولاد هم، سلمة وهو أكبرهم سنا وقد زوجه النبي صلى الله عليه وسلم، من أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، ومحمد الذي كان من رواة الحديث، وزينب التي تربت في بيوت أمهات المؤمنين وروت الكثير من الأحاديث عنهن، وقد تميزت أم سلمة برجاحة عقلها وسدادة رأيها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بمشورتها كما كان يأخذ بمشورة كافة نسائه، ولعل أشهر ما نصحته به هو بعد صلح الحديبية بعد أن اعترض عدد كبير من المسلمين على بنود الصلح.
وإن من سعادة المرء في الدنيا أن تكون زوجته صالحة، وأن تكون زوجته مؤمنة كإيمانه، سابقة إلى الإسلام كسبقه، ومحبة لله كحبه، وطائعة لله كطاعته، وعبادة كعبادته، ولذلك أي رجل يهمل تعليم زوجته حقائق الدين وآيات القرآن الكريم يدفع الثمن باهظا من سعادته الزوجية، وليس أشقى في الحياة من أن تكون أنت في وادى وزوجتك في وادى آخر، فأجمل البيوت الإسلامية ما كان فيها توافق بين الزوجين، لأن الزوجة من أجل أن تقضي منها الوطر، فهذا شيء يخف بريقه مع الأيام، لذلك فعن أبى هريره رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم.
قال ” تنكح المرأه لأربع لمابها ولحسبها ولجمالها ولدينها فأظفر بذات الدين تربت يداك” رواه مسلم، وذلك لأنها تسعد زوجها، أما ذات الدنيا تمتعه ولا أقول تسعده، فهى تمتعه إلى حين، فأسعد المؤمنين من كانت زوجته على شاكلته، وعليه أن يجتهد في ترسيخ الإيمان في قلبها، وإن الصحابة الكرام دفعوا ثمن هذا الإسلام باهظاً، حتى وصل إلينا، وقد دفعوا من راحتهم في الدنيا، وقد دفعوا من طمأنينتهم، وقد دفعوا من مستوى معيشتهم، وقد دفعوا من حبهم لأوطانهم ، فكل هذا ضحوا به من أجل أن ينتشر الإسلام، ولما اشتد عليهما الأذى، وأذن النبي صلى الله عليه وسلم، لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة.