الدكرورى يكتب عن نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 8″
ونكمل الجزء الثامن مع نبي الله لوط عليه السلام، فالظن بكون اللفظة لواط مشتقة من الاسم لوط والربط بينهما لكون الفاحشة ظهرت في قوم لوط هو ربط غير سليم، فالكلمتين ليستا من أصل واحد لأن لوط اسم علم أجنبي غير عربي أصلا، وهو موجود في العبرية بمعنى السكير العربيد وهذا يُنافي الرؤية الإسلامية للأنبياء قطعا، فهو إذا اسم غير مشتق، لا يبحث عن مادة اشتقاقه في العربية، ولا عن جذره الثلاثي، أما اللواط، فهو كلمة عربية مشتقة، لها صورة فعلية ومصدرية، فاللوط كلمة تدل على اللصوق، فيقال لاط الشيء بقلبي، إذا لصق وفي الحديث “الولد ألوط بالقلب” فالأرجح أن العرب عندما سموا الفاحشة القبيحة لواطا، ما أرادوا أخذ الاسم من لوط عليه السلام، وإنما أخذوه من معنى الكلمة في اللغة فإذا كان اللوط يدل على اللصوق.
فقد سموا إتيان الرجل للرجل لواطا لأنهما يلتصقان معا عند ارتكابهما تلك الفاحشة، وعلى كل فمن المستخدم بكثرة قولهم شخص لوطيّ، واللوطى يقصدون به الشاذ جنسيا، وحينها يقصد أن الشخص يعمل عمل قوم لوط عليه السلام، فهي نسبة إلى قومه، وليس إليه، حاشاه عليه السلام واللفظ المركب تركيبا إضافيا مثل قوم لوط، وإن هناك اختلاف في نسب لوط عليه السلام، والسبب في ذلك يرجع إلى أن القرآن الكريم والسنة النبوية لم يتطرقا إلى هذا الأمر فاستمدت المعلومات المتعلقة في نسب لوط عليه السلام وعائلته من مصادر متعددة، وعموما، فإن نسبه يدل على صلة القرابة بينه وبين إبراهيم عليه السلام، وذلك على الرغم من الاختلاف في جهة نسبه فقد ذكر أنه لوط بن هاران بن تارخ ابن أخي إبراهيم، وكما ذكر أيضا أنه ابن عم نبى الله إبراهيم عليه السلام.
وعموما، فنسب نبى الله لوط عليه السلام حسب ما اشتهر بين رواة معظم أهل التاريخ والسير المسلمين هو لوط بن هارون بن تارح، وتارح هو آزر، ولوط هو ابن أخي إبراهيم الخليل عليه السلام، ويمتد النسب حتى يصل إلى سام بن نوح، وهو حسب رواية ابن كثير، لوط بن هاران بن تارح وهو آزر، بن نهور بن صاروخ بن رؤو بن فلك بن عبير وقيل عابر، هود بن شالخ بن أرفاخشند بن سام بن نوح بن لميك بن متشلخ بن خنوخ وهو إدريس بن يارد بن محليل بن قنان بن عنوش بن شيث بن آدم عليه السلام، وهذه الرواية موافقة لما في العهد القديم، في حين أن ابن إسحاق يروي أن لوطا يمتد نسبه إلى هود، وأن هودا من ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح، ويُلاحظ من تلك الروايات أيضا أنهم ينسبون لوط عليه السلام إلى تارح.
وأن تارح هو أبو إبراهيم وهو هو آزر المذكور في القرآن نصا بأنه أبو إبراهيم، ولكن هناك رأيا آخر بأن أبا إبراهيم تارح لم يكن هو هو آزر، وأن آزر هو اسم صنم كان أبوه يخدمه، حسب قول ابن عباس رضى الله عنهما، ويقول ابن كثير، فكأنه غلب عليه آزر لخدمته ذلك الصنم وأيضا، فقد يسوق العلماء روايات من العهد القديم بأن تارح عاش سبعين سنة، وولد أبرام وناحور وهاران، وولد هاران لوطا، ومات هاران قبل تارح أبيه في أرض ميلاده في أور الكلدانيين، ويحقق المؤرخون المسلمون أن حياة لوط كانت معاصرة بالتأكيد لحياة نبى الله إبراهيم عليه السلام، على أنهم يذكرون كذلك أنه من خلال النظر المباشر في ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، يتبين أنهما لم يوضحا تحديدا الفترة الزمنية التي عاش خلالها لوط .
أو التي قامت فيها دعوته، وعلى أية حال، فإنه يذكر البعض أنه بين ولادة إبراهيم ونوح ثمانى مائة وتسعين سنة كما تشير التوراة، وأنه إذا أضفنا عُمر نبى الله نوح عليه السلام وهو أكثر من تسعمائة وخمسين سنه فيمكن حينها أن نحدد الفترة التي عاش فيها لوط عليه السلام من تاريخ الإنسانية بعد الطوفان، ويُذكر أيضا أن هلاك قوم لوط عليه السلام كان في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وأن ديار قوم لوط عليه السلام وموقعها الجغرافي هو سدوم الواقعة بالقرب من قرية صوغر، ولكن الرؤية الإسلامية لا تتفق مع الرؤية التوراتية بالضرورة، وكذلك فهي لا تعتد بالإسرائيليات كمصدر يقينى، وتختلف الرؤية الإسلامية عن موطن لوط عليه السلام تبعا لعدة آراء تتمحور في ثلاثة منها، فيرى بعض من علماء أهل السنة أنه لا يمكن التعرف أو التحقق على أصل قوم لوط.