الدكرورى يتكلم عن القدوة الحسنة ” جزء 4″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
القدوة الحسنة ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع القدوة الحسنة، وقد يكون مثالا حاضرا في الذهن بأخباره، وسيره، وصورة مرتسمة في النفس بما أثر عنه من سير، وقصص، وأنباء من أقوال أو أفعال، والقدوة الحسنة تكون للأفراد على صفة أفراد مثاليين ممتازين، وتكون للجماعات على صفة جماعات مثالية ممتازة ، ووجه القرآن الكريم بصراحة تامة إلى القدوة الحسنة، فقال الله تعالى فى سورة الأحزاب ” لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا” ففي هذا النص إرشاد عظيم من الله تبارك وتعالى للمؤمنين أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لهم، يقتدون به، في أعماله، وأقواله، وأخلاقه، وكل جزئيات سلوكه في الحياة، فهو خير قدوة يقتدي بها الأفراد العاديون، والأفراد الطامحون لبلوغ الكمال الإنساني في السلوك.
وجعل الله الذين آمنوا معه، وصدقوا، وأخلصوا، واستقاموا، أمثلة رائعة يقتدى بها في معظم الفضائل الفردية والاجتماعية، ولئن انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه، فإن سيرته التي تحتوي على جزئيات سلوكه ماثلة لنا، وفيما بلغنا من تراحم أصحابه رضوان الله عليهم ما يكفي لتجسيد القدوة الحسنة للمجتمع المسلم، ثم إن كل عصر من العصور من بعدهم لا يخلو من وجود طائفة من أمة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تصلح لأن تكون قدوة حسنة، قلت هذه الطائفة أو كثرت، فقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله ” لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال ” وروى مسلم عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ” وروى البخاري ومسلم عن معاوية قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ” فلا يخلو عصر من عصور الأمة المحمدية من طائفة صالحة، تصلح لأن تكون في عصرها قدوة حسنة للأفراد، وقد قام أصحاب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بدور كبير في هذا المجال، فكان كل واحد منهم مدرسة فاضلة بالأخلاق الحسنة والخصال الحميدة، فوجب علينا الاقتداء بهم لذا كان حريا بنا أن نتمثّل أخلاق نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وصحبه البررة، وأن تكون أخلاقهم نبراسا لنا نهتدي به إلى الخير والفلاح لبناء مجتمع قوي متماسك يقوم على المحبة والسلام والتعاون.
وحب الإنسان لأخيه الإنسان، ونبذ المنكرات وفعل الواجبات، وإن للصداقة آداب، وللصديق على صديقه حقوق، وقد وضّح ذلك من سيرته صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أرحم أمتى بأمتى أبو بكر، وأشدهم فى أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبيّ بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح” رواه الترمذى والنسائى، ولقد كان النبى صلى الله عليه وسلم، يزور أصحابة الكرام ويشهد جنائزهم، فقد روى ذلك سهل بن حنيف عن أبيه رضي الله عنه، فقال ” كَان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأتى ضعفاء المسلمين ويزورهم، ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم” رواه البيهقى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يشعر بألام أصحابه الكرام وكان يواسيهم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وكفانا فخرا أن يوضع اسم نبينا صلى الله عليه وسلم على رأس قائمة المائة الأوائل في التاريخ في أحد الكتب التي قد تألفت حديثا مع أن مؤلفه ليس مسلما، وكفانا أن نرى عشرات المستشرقين والباحثين الأجانب يدرسون الإسلام بروية وإمعان، ويبدون إعجابهم بشخصية الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأخلاقه الفاضلة، وأخلاق صحبه الكرام البررة، فها هو برناردشو الكاتب الأيرلندي يرى في النبي محمد صلى الله عليه وسلم منقذا للبشرية المعاصرة لو كان موجودا، فيقول لو كان محمد موجودا لقام بحل مشكلات العالم المعاصر المعقدة” ومن أعظم موجبات رفعة مكانة الصحابة رضوان الله عليهم، هو ما شهد الله تعالى لهم من طهارة القلوب، وصدق الإيمان.