نبي الله داود عليه السلام ” جزء 18″

الدكرورى يكتب عن نبي الله داود عليه السلام ” جزء 18″

بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 18″

ونكمل الجزء الثامن عشر مع نبي الله داود عليه السلام، فيقولون “إن داود كان له تسعة وتسعون امرأة، وأن هناك رجل كان عنده امرأة واحدة، وإن داود أعجب بجمالها، وإنه أرسل زوجها في جيش جعله في المقدمة ليموت حتى يرث زوجته من بعده، ويضمها إلى التسعة والتسعين التي عنده فتصبح مائة” وهذا في غاية البشاعة، والسخف، والسوء وليس بعجيب على اليهود أن يفتروا مثل هذا، فهم معروفون بأنهم، يبهتون أنبياءهم، وأنهم يسبونه، ويشتمونهم، ويقعون فيهم، فلا غرابة من أن يحدثوا مثل هذه القصة الباطلة الواضحة السقوط، وأن يلطخوا سمعة النبي الكريم بالعشق المحرم، والمكر المحرم، والحيلة المحرمة، والظلم لكي يضم زوجة ذاك إلى زوجاته، وتالله إن كل امرئ منا ليصون كما قال ابن حزم نفسه، وجاره المستور عن أن يتعشق امرأة جاره.ثم يعرض زوجها للقتل عمدا ليتزوجها، وهذه أفعال السفهاء الفساق المتمردين، لا أفعال أهل البر والتقوى، فكيف بنبي الله داود عليه السلام؟ فهذه القصة، وأمثالها من كذب اليهود، وقد قال البرهان البقاعي “وأخبرني بعض من أسلم منهم يعني من اليهود أنهم كانوا يتعمدون ذلك في حق داود عليه السلام لأن نبى الله عيسى من ذريته ليجدوا سبيلا إلى الطعن فيه، وهذه القصة تبين مدى ما وصل إليه اليهود من ظلم الأنبياء، وهم الذين قتلوهم، وأراقوا دماءهم، فليس بغريب أن يفتروا عليهم مثل هذه الفرى، وذهب بعض العلماء إلى أن هذه القصة على مسألة الخصمين على ظاهرها، وأنهم رجلين من البشر اختصما في غنم، فرجعنا إلى مسألة هل هذان الخصمان من الملائكة أو من البشر؟ وهل هما ملائكة فأرسلهما الله بقصة منسوجة مثل مضروب أو هي فعلا حصلت؟

لكن هى قصة لبعض البشر، وأنهما تسورا المحراب، وأما عن قصة نبى الله داود وسليمان في الحرث؟ فمن المعروف عن الحرث أنه الأرض التي تنتج الزرع والمحصول بعد حراثتها من قبل الإنسان والتعب عليها، وقد رفعت للنبي داود عليه السلام قضية خصومة مفادها أن أغنام أحد الأشخاص قد عاثت فسادا بمزروعات أحد الحقول وقيل أنها عناقيد من عنب، فقضى داود عليه السلام لصاحب الزرع بالماشية والأغنام، ولكن أشار القرآن الكريم إلى أن حكمه لم يصب الحق، وهذا ليس قدحا بشخصية النبي إنما هو يبقى بشر قد يخطئ وقد يصيب، ومن استطلع الحكم في قضية الحرث هو النبي سليمان بن داود عليهما السلام، وكان ذلك بفضل الله وتوفيقه حينما قال تعالى ” ففهمناها سليمان ” فهنا إشارة إلى أن قدرته على حل القضية.

إنما هو توفيق من الله وهداية، وقد كان حكم النبي سليمان عليه السلام، في قضية الحرث، أن يأخذ صاحب الزرع الماشية فيستفيد من صوفها وأوبارها وألبانها، ريثما يقوم صاحب الماشية بحراثة أرضه وتعهد زرعه حتى يعود كمان كان، ليسلم صاحب الزرع زرعه ويستلم هو ماشيته، وقد وافق والده على هذا الحكم لأنه رأى فيه العدل وتحقيق الحق، ورغم أنهما هما الاثنان أوتيا العلم والحكمة، إلا أن هذا لا يمنع أن يفوق أحدهما الآخر الحكمة والعلم ولذلك كان فيه قوله تعالى ففهمناها سليمان، ولقد بين النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن أفضل الكسب هو كسب الإنسان من عمل يده، وقد كان أنبياء الله تعالى عليهم الصلاة والسلام قدوة ومثالا في ذلك حينما كانوا يعملون ويجدون من أجل تحصيل لقمة عيشهم، فلم يكونوا عالة على الناس وحاشاهم ذلك.

بل كانوا ينزلون إلى الأسواق يعقدون الصفقات التجارية كما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يفعل قبل بعثته حينما كان يتاجر بأموال السيدة خديجة رضي الله عنها، كما كانوا يبرعون في الصناعات والحرف التي يقومون بها مثل نبي الله نوح عليه السلام الذي كان نجارا، وداود عليه السلام الذي كان بارعا في الحدادة، وصناعة الأدوات التي ينتفع الإنسان منها، ونبي الله داود عليه السلام هو أحد أنبياء بني إسرائيل، حيث بعثه الله في مرحلة هامة من مراحل تاريخ بني إسرائيل عندما كانت المواجهة على أشدها بين بينهم وبين القوم الجبارين الذين كانوا يسكنون فلسطين، فقد كان داود عليه السلام جنديا في جيش الملك طالوت، وحينما حصلت المواجهة بين جيش بني إسرائيل وجيش جالوت تمكن داود عليه السلام من قتل جالوت زعيم الجبارين في فلسطين.