رسالة صندوق النقد الدولي التحذيرية إلى البنك المركزي بسبب خفض سعر الفائدة
وجه صندوق النقد الدولي رسالة مباشرة إلى البنك المركزي المصري يطالبه فيها على توخي الحذر في قرارات خفض أسعار الفائدة، محذرًا من تداعيات محتملة على الاستقرار النقدي في ظل المتغيرات العالمية الأخيرة، وعلى رأسها القرارات الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
تحذير البنك المركزي من التسرع
وفي تصريحات خاصة من واشنطن، أكد جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن «التحلي باليقظة» اصبح ضروري في إدارة السياسة النقدية، خصوصًا مع استمرار الصدمات الاقتصادية العالمية، وقال: «نرى مخاطر بعودة التضخم، لذا من الضروري الحفاظ على سياسة نقدية صحيحة تقود إلى خفضه إلى مستويات مستقرة من خانة واحدة».
رسالة صندوق النقد الدولي التحذيرية إلى البنك المركزي بسبب خفض سعر الفائدة
وجاءت تصريحات أزعور عقب القرار المفاجئ للبنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بواقع 225 نقطة أساس، وهو ما اعتبره صندوق النقد خطوة سابقة لأوانها، خاصة أن مصر ما زالت تتعافى من آثار تضخمية عنيفة ضربت الاقتصاد خلال العامين الماضيين.
تبريرات البنك المركزي بخفض سعر الفائدة
كانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري قد أعلنت في اجتماعها الثاني لعام 2025، نهاية مارس الماضي، خفض أسعار الفائدة الرئيسية لأول مرة منذ عام 2020، بعد سبع مرات من التثبيت المتتالي، وشمل القرار خفض:
– عائد الإيداع لليلة واحدة إلى 25%.
– عائد الإقراض لليلة واحدة إلى 26%.
– سعر العملية الرئيسية للبنك إلى 25.5%.
– سعر الخصم إلى 25.5%.
وتم اتخاذ القرار في وقت شهد فيه معدل التضخم السنوي تراجعًا إلى 13.6% في مارس 2025، مقابل ذروة بلغت 32.9% في سبتمبر 2023، وهو ما اعتبره المركزي فرصة للدفع نحو سياسة نقدية توسعية تدعم النمو.
أوضحت لجنة السياسة النقدية أن هذا الخفض جاء «دعمًا للمسار النزولي للتضخم»، وأشارت إلى أن التوقعات تشير إلى استمرار هذا التراجع خلال عامي 2025 و2026، ولفتت اللجنة إلى عوامل خارجية يجب أخذها بعين الاعتبار، من بينها التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وآثار قرارات ترامب الجمركية الأخيرة
وأكدت اللجنة أن قراراتها تخضع للتقييم المستمر، وأنها لن تتردد في اتخاذ خطوات جديدة إذا ما استدعت الظروف ذلك، بهدف الحفاظ على استقرار الأسعار.
لماذا يحذر الصندوق الآن؟
يرى صندوق النقد الدولي أن خفض أسعار الفائدة في ظل بيئة عالمية ضبابية، قد يفتح الباب أمام موجة تضخمية جديدة يصعب السيطرة عليها، خاصة أن السوق المصري لا يزال عرضة لتقلبات التدفقات الرأسمالية، كما ظهر في خروج أكثر من مليار دولار من السوق خلال أبريل الماضي، وفقًا لتقديرات بنك «جولدمان ساكس».
كما أشار محمد معيط، المدير التنفيذي لصندوق النقد للدول العربية وجزر المالديف، إلى أن «التراجع في أسعار الفائدة يجب أن يستند إلى تحليل دقيق، إذ لا يمكن اتخاذ قرار ثم التراجع عنه لاحقًا بسهولة».
رغم التحذير، لم يُخفِ صندوق النقد إشادته بتحسن الأداء الاقتصادي المصري في الشهور الأخيرة، وقال جهاد أزعور إن مصر أظهرت «مرونة في سعر الصرف»، وتحسنًا في مؤشرات النمو، فضلًا عن تعافي تدريجي في المؤشرات النقدية والمالية.
وأشار إلى أن الإصلاحات التي قادتها الحكومة المصرية، مثل خفض الدعم، ورفع أسعار الطاقة، وتحرير العملة، ساهمت في جذب تمويل خارجي تجاوز 57 مليار دولار، من بينها حزمة دعم كبرى من الإمارات.