قطر وأمريكا في الشرق الأوسط: بين الحب والمال، والبحث عن الأمن الذاتي العربي

قطر وأمريكا في الشرق الأوسط: بين الحب والمال، والبحث عن الأمن الذاتي العربي

#تقريربقلم_صفاء_الليثي

قطر وأمريكا في الشرق الأوسط: بين الحب والمال، والبحث عن الأمن الذاتي العربي

في ظل التوترات الإقليمية الأخيرة والتغيرات السياسية في الشرق الأوسط، برزت قضية الوجود العسكري الأمريكي في قطر كموضوع شائك ومثير للجدل. التصريحات الرسمية لرئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب، الذي وصف قطر بأنها “حبيبته” في المنطقة، تصطدم بالوقائع بما يتعلق بالدعم والحماية الفعلية التي تقدمها القاعدة الأمريكية في قطر. وبالإضافة إلى ذلك، تشهد دول الخليج حركة جدية نحو توحيد الصفوف عسكريًا وسياسيًا، في محاولة لتعزيز حمايتها الذاتية وتقليل الاعتماد على القوى الأجنبية. هذا التقرير يستعرض هذه الجوانب كافة من المال، إلى السياسة، إلى التعاون العسكري العربي، مع تحليل معمق لموقف قطر والدول العربية من الوجود الأمريكي.

تصريحات ترامب وعلاقتها بقطر

كان ترامب يردد دوماً عباراته الوردية تجاه قطر، مؤكداً حبه للأمير تميم واصفاً قطر بأنها “حبيبته في الشرق الأوسط”. لكن الواقع كان أكثر تعقيدًا، حيث طالب قطر بدفع مبالغ مالية ضخمة لقاء استمرار القواعد الأمريكية على أراضيها، تحت مبدأ “الدفع مقابل الحماية”. وعلى الرغم من تلك التصريحات، شعرت قطر بعدم الأمان بسبب التردد الأمريكي في الرد المباشر على الهجمات التي تعرضت لها، خاصة في قاعدة العديد.

الجانب المالي: مبالغ طائلة مقابل الحماية

قطر دفعت أموالاً وعقوداً ضخمة للولايات المتحدة لتأمين وجودها العسكري والحماية الأمنية. لكنها مع ذلك لم تحصل على رد فعل قوي في مواجهة الهجمات التي تعرضت لها، مما أثار تساؤلات حول جدوى دفع هذه الأموال. سياسة إدارة ترامب التي أرسخت مبدأ “أمريكا أولاً” عززت الشعور بعدم المساواة في التحالف.

ردود فعل دول الخليج وتحركاتها العسكرية

مع تزايد التهديدات الإقليمية، بدأت دول الخليج في إعادة تقييم اعتمادها الكامل على القوى الأجنبية، خصوصاً أمريكا، في مجال الأمن.

 تم تأسيس *قوات درع الجزيرة*

منذ الثمانينيات كتحالف دفاعي خليجي مشترك، لكنها تواجه تحديات في التنفيذ الكامل لوحدتها العسكرية.

– في 2015، اقترح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فكرة القوة العربية المشتركة لتعزيز التعاون العسكري العربي، لكن التنفيذ يعاني من تأجيلات وتحفظات خليجية.

– مع تصاعد الاعتداءات وعدم وضوح التزام أمريكا بالحماية المباشرة، تضاعفت جهود تطوير القدرات العسكرية الذاتية والإنتاج الدفاعي في دول الخليج.

موقف قطر من وجود القاعدة الأمريكية

رغم أهمية قاعدة العديد كأكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، فإن قطر بدأت تعيد النظر في دور هذه القاعدة، خاصة بعد الهجمات عليها وعدم تلقيها الدعم القوي المتوقع من الحليف الأمريكي. هذا الموقف يفتح الباب أمام احتمال مراجعة أو تعديل شروط استمرار القاعدة الأميركية على أراضيها، وهو ما يعكس توجهاً أوسع داخلياً وإقليمياً نحو تعزيز الأمن الذاتي.

تقييم العلاقة الإستراتيجية بين أمريكا وقطر

 

العلاقة بين أمريكا وقطر معقدة تتسم بالاعتماد المتبادل ولكنها تعاني من توتر بسبب تغير أولويات السياسة الأمريكية وتغير المزاج الإقليمي.

– تصرفات ترامب تركزت على المصالح المالية وتقليل الالتزامات العسكرية، ما أثر على مصداقية الحماية.

– دول الخليج تحاول خلق توازن بين أهمية الوجود الأمريكي كمورد أمني، وبين الاستقلالية الأمنية التي تسعى إليها.

الخلاصة

يمكن القول إن الوجود العسكري الأمريكي في قطر وفي الخليج عامة لم يعد الضمانة المطلقة للأمن الذي كانت عليه سابقاً، خاصة في ضوء السياسات الأمريكية الحديثة وتعقيدات المشهد الإقليمي. قطر والدول العربية في المنطقة تتجه نحو تحقيق توازن جديد لعلاقاتها العسكرية والدبلوماسية، مع اهتمام متزايد بتعزيز وحدتها وتحمل مسؤولية أمنها. تصريح ترامب بأن القواعد الأمريكية ملك له، ومطالبه المالية، بالإضافة إلى ضعف الرد الأمريكي على الهجمات، كلها عوامل دفعت قطر لتفكر جدياً في دور القاعدة الأمريكية ومستقبلها، في سياق أكبر لإعادة ترتيب التحالفات الإقليمية.