الطفل الغزي الذي استيقظ من ثلاجة الموتى ليواصل رحلة الحياة

الطفل الغزي الذي استيقظ من ثلاجة الموتى ليواصل رحلة الحياة

كان الفتى الفلسطيني مجد الشغنوبي، البالغ من العمر 15 عاماً، ينتظر دوره للحصول على كيس دقيق، مثل كثير من الأطفال في شمال غزة، غير أنه وجد نفسه ناجياً من موت محقق، عندما اخترقت شظايا إسرائيلية وجهه عند دوار الكويت في فبراير (شباط) 2024. في البداية، اعتقد العاملون في القطاع الصحي أنه قد فارق الحياة ليوضع بالخطأ في ثلاجة الموتى، إلا أن حركة بسيطة ليده أنقذته من إعلان وفاته، قبل أن ينقله أطباء فلسطينيون لإسعافه في ظروف ميدانية قاسية داخل مطبخ مستشفى الأهلي المعمداني، بسبب نقص غرف العمليات. وقال الفتى لشبكة سي إن إن : شخص ما جرّني وأخذني إلى مكان آمن. وضعوني في ثلاجة الموتى، لأنهم ظنوا أنني فارقت الحياة، ولكنني حركت يدي، وأدركوا أنني ما زلت حياً . وبعد رحلة مليئة بالمخاطر عبر أحياء مدمرة وحواجز عسكرية، تمكن مجد في نهاية المطاف من الوصول إلى والدته في خان يونس، وأضاف كان الأمر صعباً، كنت خائفاً جداً لأن الإسرائيليين كانوا هناك . نقطة في بحر

 

ذكرت الشبكة أنه في يوليو (تموز) الماضي، أصبح مجد ثالث طفل من غزة يدخل المملكة المتحدة، عبر إجلاء طبي خاص نظمته منظمة مشروع الأمل الخالص ، بدعم من مؤسسة إغاثة أطفال غزة ، فيما لم تتحمل الحكومة البريطانية نفقات علاجه. الثلاثاء الماضي، خضع مجد لعملية إعادة ترميم وجه في مستشفى غريت أورموند ستريت بلندن، بعد أيام من إعلان الحكومة البريطانية عن برنامج جديد لاستقبال الأطفال الغزيين المصابين بجروح خطيرة، حيث استقبلت أول دفعة منهم منتصف سبتمبر (أيلول) الجاري. ولكن منظمات الإغاثة تحذر من أن هذه الجهود تظل نقطة في بحر ، مقارنة بحجم الكارثة الإنسانية، إذ تؤكد الأمم المتحدة أن أكثر من 50 ألف طفل في غزة قتلوا أو جُرحوا منذ اندلاع الحرب، فيما وصف رئيس وكالة الأونروا فيليب لازاريني الوضع الصحي في القطاع بأنه الأسوأ عالمياً من حيث عدد مبتوري الأطراف بين الأطفال . وأفادت منظمة الصحة العالمية، بأن أكثر من 700 فلسطيني، بينهم نحو 140 طفلاً، توفوا بانتظار إجلاء طبي من غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بينما استقبلت بريطانيا 0.03% فقط من المرضى الذين تمكنوا من الخروج. ومن جانبه، قال الدكتور عوّاص جيلاني، جراح أعصاب أطفال في مستشفى غريت أورموند ستريت ، إن حالة مجد رغم أهميتها تبقى قطرة في محيط، مقارنة بالاحتياجات المتزايدة . إخوتي مشردون

 

وأظهرت لقطات لـ سي إن إن ، مجد، وهو مستلقي في غرفة صغيرة مرتدياً بيجامة بلون كريمي تحمل شعار لعبة Minecraft ، في حين أن عيناه البنيتان تتحركان بسرعة بين أرجاء الغرفة. ورغم ابتسامته الخجولة تحت قناع جراحي داخل جناحه الطبي في لندن، لا يخفي مجد أمنيته البسيطة: أن تعود غزة كما كانت، أن يجتمع الناس من جديد. وأن نعيش مثل باقي الأطفال . وقالت أمه إسلام فلفل، التي تركت شقيقاه محمد (14 عاماً) ويوسف (12 عاماً) في القطاع: لو كنت أعلم أن الحرب ستُستأنف، لما تركتهما هناك. عندما أتحدث معهما يقولان لي: تركتِنا هنا، أخذتِ الولد الذي تحبينه وتركتنا، وقد نموت في أي لحظة . ولكن فلفل أكدت أن ولديها، المقيمين مع والدهما، لا يملكان مبلغ 3 آلاف دولار المطلوب للانتقال من الشمال إلى الجنوب. وأضافت منزلهم ذهب. أماكنهم الآمنة اختفت. هم الآن في الشارع. وبُعدي عنهم يمزّق قلبي . إرادة عالمية

 

ومع تحرّك مزيد من القوى الغربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتصاعد الإدانات الدولية للهجوم الإسرائيلي، يطالب ناشطون حقوقيون حلفاء إسرائيل بوقف الدعم العسكري، ورفع الحصار الإنساني الخانق، بما في ذلك عبر عمليات إجلاء طبية. وقال عمر دين، المؤسس المشارك في منظمة (مشروع الأمل الخالص): إنه لا يوجد نقص في التحديات التي نراها في غزة. كثير من الأطفال فقدوا أطرافهم، أو فقدوا القدرة على الأكل . وأضاف أنه مع كل الإرادة في العالم، يجب أن نفعل أكثر. هؤلاء بشر لهم حق أصيل في أن يُعاملوا كبقية الناس، وأن يحصلوا على الرعاية الصحية . وبدوره، قال العامل الإغاثي إياد عماوي، المُهجّر في دير البلح وسط القطاع: المستشفيات في غزة ترمز إلى الحياة نفسها في مواجهة الحصار والحرب. وتدمير هذه المنارات هدفه الأول كسر إرادة المجتمع، ودفع الناس إلى اليأس، وسلبهم القدرة على الصمود