الدكروري يكتب عن أبغض الحلال عند الله” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أبغض الحلال عند الله” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع أبغض الحلال عند الله، وإن المرأة لها أحوال خمسة، ثلاث حالات الطلاق فيها بدعي، وحالان الطلاق فيها شرعي، فالطلاق البدعي في حال الحيض، وفي حال النفاس، وفي حال الطهر الذي جامعها فيه، في هذه الأحوال الثلاثة لا يطلقها، لا في الحيض، ولا في النفاس، ولا في طهر جامعها فيه، أما الحالتان اللتان فيهما الطلاق الشرعي فهما حال الحمل كونها حاملا، وكذلك إذا طلقها في طهر لم يجامعها فيه، فهذا هو الطلاق الشرعي المندوب، وينبغي للرجل أن يلاحظ هذه الأشياء، وأن لا يعجل في الطلاق لأن الطلاق مبغوض إلى الله، أبغض الحلال إليه الطلاق، والله عز وجل يحب بقاء النكاح، لا فصل النكاح لما فيه من المصالح، والفوائد الكثيرة، فينبغي للزوج أن لا يعجل، وأن يتحرى أوقات الطلاق الشرعي إذا عزم على الطلاق.
وألا يعجل في الأمور، فليتأنى، وينظر، فإذا طابت نفسه، ورأى أن الطلاق أصلح؛ طلقها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، ثم يتركها حتى تنتهي عدتها، فتكون بائنة بذلك بينونة صغرى، لا يحلها إلا عقد شرعي، هذا هو المشروع في هذه المسائل، فإن الطلاق في الشريعة الإسلامية هو انفصال أحد الزوجين عن الآخر، وعرفه علماء الفقه بأنه “حل عقد النكاح بلفظ صريح، أو كناية مع النية، وألفاظ الطلاق الصريح هي الطلاق، والفراق، والسراح، والكناية هي كل لفظ احتمل الطلاق وغيره، مثل ألحقي بأهلك، أو لا شأن لي بك، ونحو ذلك، فإن نوى به الطلاق وقع وإلا فلا، وطريقته أن ينطق الرجل السليم العقل كلمة الطلاق أو يمين الطلاق أمام زوجته في حضورها، أو في غيابها، أو ينطقها أمام القاضي في غيابها وفق الشريعة الإسلامية وأغلب مذاهبه.
وأما عن الطلاق قبل ظهور الإسلام، فكان العرب في الجاهلية، قبل ظهور الإسلام، يطلق الرجل زوجته ما شاء أن يطلقها فإذا أوشكت عدتها أن تنقضي راجعها ثم طلقها، ولقد فرضت الشريعة الإسلامية أن يكون الطلاق بيد الرجل، لما يرى من تحكم الرجل بعواطفه في أغلب الأحيان ولما توجب عليه من نفقة وعقبات، ولذلك ورد النهي الأكيد والوعيد الشديد في طلب المرأة الطلاق من غير سبب مقنع وعذر مرضي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة” رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، فالواجب على المرأة أن تخش الله وتقف عند حدوده في طلب الطلاق حتى لا تدخل في هذا الوعيد وتعرض نفسها لسخط الله، ولا يحل للمرأة أيضا طلب الطلاق من زوجها إذا تزوج عليها امرأة أخرى.
لأن هذا حقا مشروعا للزوج ولا يعد ذلك ضررا في الشرع إلا إذا اشترطت بأن لا يتزوج عليها في صلب العقد أو حصل لها ضرر ظاهر من جراء ذلك في دينها أو دنياها كما سبق بيانه، والكلام هنا عن الجواز هذا في بيان الحكم أما تنفيذ المرأة لذلك واختياره يرجع إلى الموازنة بين المصالح والمفاسد المترتبة على ذلك من مراعاة لحال المرأة بعد الطلاق وأحوال الأولاد ووضعها الاجتماعي والبيئي، والمرأة العاقلة لا تقدم على اتخاذ هذا القرار إلا بعد استخارة واستشارة لأهل الفضل والعلم وروية وتأمل وبعد نظر في العواقب خاصة إذا كان لها أولاد صغار فلا ينبغي لها أن تقدم على ذلك إلا حالة الضرورة القصوى حفاظا على ذريتها خشية تعريضهم للضياع والانحراف الاجتماعي والسلوكي والديني كما هو مشاهد في كثير من الحالات.
ومما يؤسف له أن المتأمل في كثير من دعاوى وشكاوى الرجال والنساء يجد المبالغة وعدم مطابقة الواقع وطلب المثالية والكمال في الحياة الزوجية وهذا مطلب عسير صعب تحققه، أما بالنسبة لأهل الزوج فيمكن إيجاد حلول مناسبة لهذه المشكة فإن كان التقصير من قبلهم والجفاء حاصل منهم وقد بذلت المرأة الأسباب وحسن العشرة فلتحاول نصيحتهم ومصارحتهم فإن استقاموا فالحمد لله وإلا لم يلزمها صلتهم شرعا إلا من باب الإحسان فلا تزورهم إلا يسيرا في المناسبات العامة ولتقم بالواجب عرفا لتدرء عن نفسها كلام السفهاء، والحاصل إن كان ينطبق عليك إحدى هذه الحالات الأربع وما كان من جنسها مما يتحقق فيه الضرر وتشتد الأحوال عليك جاز لك طلب الطلاق وإن لم ينطبق عليك تلكم الحالات لم يحل لك طلب الطلاق وعليك بالصبر والدعاء وحسن العشرة لعل الله يغير الأمور من حال إلى حال.