الدكرورى يكتب عن مسيلمة بن ثمامة ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مسيلمة بن ثمامة ” جزء 6″
ونكمل الجزء السادس مع مسيلمة بن ثمامة، وقد تبعها في دعوتها جمع من عشيرتها بينهم بعض كبار تميم كالزبرقان بن بدر، وعطارد بن حاجب، وشبث بن ربعي الرياحى، وعمرو بن الأهتم، وقد بلغت بها الجرأة وسوء تقدير الاوضاع، انها اقنعت اتباعها بالذهاب الى الحجاز وغزو مكة والاستيلاء على دولة الخلافة، وعندما نزلت باليمامة، بلغ خبرها مسيلمة الكذاب وهو ايضا من مدعى النبوة، فقيل له إن معها أربعين ألفا، فخاف من منافستها واستحواذها على مكانته، كاكبر منافس لدولة الخلافة، فقرر ان يتبع معها طريق السلم والتحالف، ويبدو أنها هي الأخرى كانت قد قررت كسب هذا المنافس الذي يشاركها بالعداء لدولة الخلافة، فما إن التقيا حتى قررا الزواج.
وأقامت معه بعض الوقت، فكان عبارة عن زواج مصلحة، ومع الأيام بدأت سجاح تسترد وعيها وتدرك فداحة الوهم الذى كان يسيطر عليها، وقد اقتنعت بصعوبة الإقدام على قتال المسلمين، فانصرفت راجعة إلى أخوالها في الموصل، بعد ذلك بفترة وجيزة بلغها مقتل مسيلمة، ويبدو أنها ادركت بأن لا خلاص من عقاب القائد خالد بن الوليد سيف الله المسلول والقادة المسلمين، إلا باعتناقها الاسلام لهذا فإنها أسلمت من جديد وأعلنت توبتها، ولكي تتجنب، الانتقام من أنصارها الذين اعتبروها قد ورطتهم في مغامرة فاشلة ثم تخلت عنهم، فقررت أن تهجر الموصل ورحلت إلى البصرة حيث استقرت باقي عمرها حتى توفيت فيها، ورغم خطيئتها الأولى باعلان النبوه.
إلا أن اعتناقها للاسلام وزهدها وتاريخها البطولى، فقد جعلها دائمة الاحترام من قبل المسلمين وقادتهم، بحيث انها عندما توفيت صلى عليها سمرة بن جندب والي البصرة التابع لمعاوية، فقيل اليست التوبة تجب ما قبلها ؟ وتعرضت الشخصية السجاحية الى تشويه من العوام غير رفض توبتها أبرزه التشويه الفحولى أما التشويه الذي عانت منه شخصية هذه العراقية الجريئة الحالمة، فيتركز على حادثة لقائها مع مسيلمة الكذاب، حيث أضفى الكذابون على هذا الاجتماع نوعا من المجون، للتشنيع عليها، ولعل المستند هو رواية الطبرى التى تحدد طبيعة لقائها بمسيلمة وليس لدينا ما يؤكد هذا التشنيع إلا بدراسة السند علميا، حيث يشير إلى أن مسيلمة لما نزلت به سجاح أغلق الحصن دونها.
فقالت له سجاح أنزل قال فنحى عنك أصحابك ففعلت، فقال مسيلمة اضربوا لها قبة وجمروها لعلها تتذكر الباءه ففعلوا، فلما دخلت القبة نزل مسيلمة فقال ليقف ههنا عشرة وههنا عشرة، ثم حاورها فقال ما أوحى إليك؟ وقالت هل تكون النساء يبتدئن ولكن أنت ما أوحى إليك؟ قال ألم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى أخرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وحشى، قالت وماذا أيضا؟ قال أوحى إلى أن الله خلق النساء أفراجا وجعل الرجال لهن أزواجا فنولج فيهن قعسا إيلاجا ثم نخرجها إذا نشاء إخراجا فينتجن لنا سخالا إنتاجا، فقالت أشهد أنك نبي قال هل لك أن أتزوجك فآكل بقومي وقومك العرب؟ قالت نعم، وبعد حوار فيه الكثير من الابتذال والخلاعة، منحت سجاح نفسها لمسيلمة.
وأقامت عنده ثلاث ايام، ثم انصرفت إلى قومها، فقالوا ما عندك؟ قالت كان على الحق فاتبعته فتزوجته، قالوا فهل أصدقك شيئا؟ قالت لا، قالوا ارجعى إليه فقبيح بمثلك أن ترجع بغير صداق، فرجعت فلما رآها مسيلمة أغلق الحصن، ثم قال لها، مالك؟ قالت أصدقنى صداقا، قال من مؤذنك؟ قالت شبث بن ربعى الرياحى، قال عليّ به، فجاء فقال نادى في أصحابك أن مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد، صلاة العشاء الآخرة وصلاة الفجر، وذكر الكلبي أن مشيخة بني تميم حدثوه أن عامة بنى تميم بالرمل لا يصلونهما فانصرفت ومعها أصحابها فيهم الزبرقان وعطارد بن حاجب وعمرو بن الأهتم وغيلان بن خرشة وشبث بن ربعى.