أبرهة بن الصباح الحبشي ” جزء 6″

الدكرورى يكتب عن أبرهة بن الصباح الحبشي ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

أبرهة بن الصباح الحبشي ” جزء 6″

ونكمل الجزء السادس مع أبرهة بن الصباح الحبشي، وأعاد استخدام اللقب الملكي الحميري ولم يحاول طمس أو تغيير أي شي من ثقافة مملكة حمير التغيير الوحيد كان تعصبه للمسيحية عدة عوامل، أدت لتبنيه هذه السياسة، ضعف مملكة أكسوم وفقدان سيطرتها على النوبة بجنوب مصر ورغبته بكسب الزعامات القبلية المسيحية والذين تركزوا في ظفار يريم ومأرب وحضرموت ونجران، والعامل الثالث والأهم هو اختلاف مذهبه الديني عن بيزنطة وأكسوم المصادر مختلفة حول تصويرها لأبرهة، المصادر البيزنطية ترسم صورة سيئة عنه، ومرد ذلك أنه لم يفى بأي من وعوده لهم أما المصادر المسيحية الأخرى فتصفه بأنه كان مسيحيا حقا يخاف الرب.

وإن المصادر الأساسية لحياة أبرهة الأشرم هي ستة كتابات بخط المسند، أربع منه كتبها بنفسه أطولها معاركه مع يزيد بن كبشة، سيد قبيلة كندة وزعيم تحالف قبلي كان قد قاتل المسيحيين إلى جانب يوسف أسأر وقد أكتشف نص بخط المسند لكاتب مجهول يذكر كندة وبكيل و”ذي يزن” و”ذي خليل” و”ذي سحر” وبنائها لتحصينات مقابل البحر لقتال أبرهة وقد ورد في النص ذاته أن أقيال حضرموت والأشاعرة و”ذي معاهر” و”ذي كلاع” و”ذو ذبيان” و”ذو رعين” كانوا إلى جانب أبرهة ضد سيد كندة، وقد توقفت المعارك عقب وصول أخبار بتصدع هو الثالث أصاب سد مأرب منذ بداية إنشائه، فتوصلوا لهدنة لبناء السد ويذكر أبرهة أنه بنى كنيسة جديدة في مأرب.

ونص آخر يشير لإستقبال أبرهة لمبعوثين من بيزنطة وفارس والنص الثالث يشير لحملة على قبائل معد واحدة ضد عامر بن صعصعة في تربة قرب الطائف والأخرى في حلبان التي تبعد قرابة ثلاثة مائة كيلو متر غرب الرياض وانتهت الحملة بتقديم سكان تلك المناطق أبنائهم رهائن مقابل الولاء فسر عدد من المستشرقين النص بأنه يشير إلى المعركة التي ذكرت في قصة أصحاب الفيل، ولكن اكتشافات حديثة تفند هذا الرأي لعدة أسباب، أنه لم يشر النص أن جيش أبرهة كان يحوي أي فيلة ولم يتطرق لمكة بل لمكانين اسمهما تربة وحلبان، وأن الفيلة تستهلك الكثير من الماء ولا تحتمل الصحراء، ومن غير المنطقي أن يسير أبرهة مسافة تتجاوز ألف كيلو متر راكبا على فيل.

وأن تاريخ نقش مريغان قد حدد توقيت الحملة بعام ستمائة واثنين وستين من التقويم اليمني الحميري اليعفري، والذي يناظر سنة خمسمائة واثنين وخمسين من التقويم الميلادي بمعنى أنه متقدم على غزو الكعبة بحوالي ستعة عشرة سنة، وإن المشهور في التفسير هو أنه يحكي أن أبرهة الحبشى بنى كنيسة ضخمة وكان إسمها القليس في صنعاء باليمن وبالفعل يوجد في اليمن موقع بصنعاء القديمة يسمى غرقة القليس ولكن كلمة قليس مشتقة من كلمة قلسن وهى بالحميرية تعني كنيسة، فغرقة القليس قد تكون مقرا لأي كنيسة فالمسيحية موجودة باليمن من القرن الرابع، وكان هدف بناء الكنيسة على ما أورد الرواة، هو صرف العرب عن حج بيت الله الحرام فى مكة.

وتحويل أنظارهم إلى كنيسته في صنعاء بعد أن أحدث فيها رجل من “بني فقيم” ذكره الطبري بأنه من أهل البيت الذي تحج له العرب، ويحكي الرواة أن رجلا من بني سليم كان عند أبرهة اسمه محمد بن خزاعي، وكان يتودد للملك فدخل عليه يوما وهو يأكل الخصى، فقال محمد لأخيه قيس، والله لئن أكلنا هذا لا تزال تسبنا به العرب ما بقينا” ثم قام أبرهة بتعيين محمد، هذا سيدا على مضر وأمره أن يدعو الناس بالحج إلى الكنيسة فلما وصل لديار بني كنانة ضربه رجل منهم بسهم مما أثار غضب أبرهة وعزم أن يهدم الكعبة لأجل ذلك، بل تذكر أهل الأخبار أن الكعبة كانت معظمة عند اليمنيين قبل الإسلام، فما أن علم رجل اسموه في كتبهم ذو نفر، بنية أبرهة حتى عزم القتال دفاعا عن البيت.