لبنان عون.. يدعو إلى إنهاء تعطيل عمل الحكومة

لبنان عون.. يدعو إلى إنهاء تعطيل عمل الحكومة

دعا الرئيس اللبناني ميشال عون الاثنين، إلى ضرورة أن يجتمع مجلس الوزراء في أسرع وقت بعد أكثر من شهرين من تعطيل حليفه “حزب الله” لجلسات الحكومة، في ما بدا انتقاداً ضمنياً لموقف الحزب من دون أن يسميه.

ولم تجتمع الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي منذ 12 أكتوبر جراء رفض وزراء حزب الله وحليفته حركة أمل عقد أي جلسة ما لم تكن مخصصة للبت بمصير المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار الذي يطالبان بعزله ويتهمانه بـ”التسييس”.

وقال عون في كلمة بمناسبة نهاية العام: “من الضروري أن تجتمع الحكومة اليوم قبل الغد، لمعالجة المشاكل على طاولة مجلس الوزراء. فبأي شرع أو منطق أو دستور يتم تعطيل مجلس الوزراء، ويُطلب منه اتخاذ قرار ليس من صلاحياته، ويتم تجميد عمله بسبب مسألة لا تشكّل خلافاً ميثاقياً؟”.

وأضاف: “على الحكومة أن تعمل”، معتبراً أن “تعطيل الحكومة هو المسؤول عن شلل الإدارة، في وقت ينتظر الموظفون حقوقهم، والمستشفيات مستحقاتها، والمرضى العلاج” في بلد يشهد انهياراً اقتصادياً متسارعاً منذ صيف العام 2019.

وفي ما بدا أيضًا رسالة إلى حزب الله وفقًا لوكالة “فرانس برس”، قال عون الذي يعد أبرز حلفاء الحزب منذ وقع تفاهماً معه في فبراير 2006، “صحيح أن الدفاع عن الوطن يتطلب تعاونًا بين الجيش والشعب والمقاومة، ولكن المسؤولية الأساسية هي للدولة. وحدها الدولة تضع الاستراتيجية الدفاعية”.

ويتمسك حزب الله، الذي يعد أبرز الأحزاب السياسية ويمتلك ترسانة عسكرية ضخمة، بمعادلة “الجيش والشعب والمقاومة” لإضفاء شرعية شعبية ورسمية على سلاحه.
وأكد عون أنه يرغب في أفضل العلاقات مع دول الخليج بعد أزمة دبلوماسية حادة في أكتوبر، قطعت خلالها السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع لبنان على خلفية تصريحات لوزير الإعلام السابق بشأن الحرب في اليمن. وتساءل عون: “ما هو المبرر لتوتير العلاقات مع هذه الدول والتدخل في شؤون لا تعنينا؟”
“الحل لا يزال ممكنًا”
الرئيس اللبناني اعتبر خلال كلمته أن الحل في البلاد “لا يزال ممكناً ضمن وثيقة الوفاق الوطني”، مشيراً إلى أنه “يقتضي أولًا إجراء المحاسبة، وهذا يعني تحديد المسؤولية عن الانهيار وحماية أموال الناس أو إعادتها للمودعين”.

وأضاف: “كما يقتضي الحل الانتقال إلى دولة مدنية ونظام جديد ركيزته الأساسية لا مركزية إدارية والمالية الموسعة”، داعيًا إلى أن تكون “الانتخابات النيابية المقبلة استفتاء على هذا الأساس”.

وتابع عون: “إنني ومن موقعي كمؤتمن على الدستور أدعو لحوار وطني عاجل من أجل التفاهم على 3
مسائل والعمل على إقرارها ضمن المؤسسات، وهي: اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، والاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي بما فيها الإصلاحات اللازمة والتوزيع العادل للخسائر”.

وأشار إلى أن “تعطيل خطة التعافي المالي التي قدمتها الحكومة السابقة أدى إلى تأخير مفاوضات صندوق النقد الدولي”، مشدداً على ضرورة “أن يتوقف التعطيل المتعمد والممنهج وغير المبرر الذي يؤدي إلى تفكيك المؤسسات وانحلال الدولة”.

دعوة للحوار
وجدَّد الرئيس اللبناني دعوته للحوار “إلى كل لبنانية ولبناني يرغب في خلاص الوطن، معتبراً أن “مصالح الخارج والداخل تواطأت وكانت أقوى وعلى مدى 15 عاماً، حُكِم البلد من منظومة سياسية ومالية “من دون سيادة وشراكة وبالفساد”.

وقال عون: “كنت قد فضّلت على مدى سنوات ولايتي، أن أعالج الأزمات بالعمل الصامت. نجحت في بعض الأحيان ولم أوفّق في أحيان أخرى. حاولت أن أمنع الانهيار، ودعوت إلى أكثر من لقاء ومؤتمر، وطرحت حلولاً، ولكن أهل المنظومة رفضوا أن يتخلّوا عن أي مكسب، ولم يحسبوا أي حساب للناس”.

وحذَّر عون من أن المخاطر “تكبر وتهدد وحدة الوطن”، مشيراً إلى أن “ما نسمعه ونراه من تحضيرات تجري إقليمياً، تظهر هذه المخاطر بشكل أوضح”، على حد تعبيره.

“عرقلة في مجلس النواب”
وتطرَّق الرئيس اللبناني أيضاً إلى ما وصفه بـ”العرقلة في مجلس النواب” متسائلاً عن مصير بعض القوانين مثل قانون “الكابيتال كونترول”، وقانون “استعادة الأموال المحولة إلى الخارج”، وقانون “كشف الفاسدين وحسابات وأملاك القائمين على الخدمة العامة”، معتبراً أن هذه العرقلة “تساهم في تفكيك الدولة” على حد تعبيره.

وأشار عون إلى أنه “من السهل انتقاد رئيس الجمهورية، وإطلاق النار عليه كل يوم واستهداف موقع الرئاسة والانتقاص من صلاحياتها في مجلس النواب، كما حصل أخيراً بالنسبة الى المادة 57 من الدستور، وصدور أصوات تحمله المسؤولية بشكل يومي، علماً بأن صلاحياته محدودة لدرجة عدم قدرته على إلزام مجلس الوزراء على الانعقاد”.

تعديل نظام الحكم
وقال عون: “أنا مؤتمن على الدستور والقوانين، ومن واجبي أن أصارح الشعب اللبناني وأقول له: يجب أن نبقى في وطن واحد وفي دولة واحدة، إنما يجب أن نتعلم من التجربة، وأن نعدل نظام الحكم كي تصبح الدولة قابلة للحياة”.

واعتبر الرئيس اللبناني أن “اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة هي العنوان، والمساءلة والمحاسبة والتدقيق هي شرط لكي نغلق حسابات الماضي ونعيد للبنانيين حقوقهم وأموالهم”.

وأوضح أنه “لا وجود للبنان من دون دولة، واستمرارية بناء هذه الدولة تستند إلى أسس هي الدستور والقوانين والمؤسسات. هذا ما يؤدي إلى انتظام في الدولة، وهو مطلب كل لبناني”.

وكان الرئيس اللبناني قال، الجمعة، إن لبنان بحاجة إلى 6 أو 7 سنوات للخروج من الأزمة التي يشهدها، معتبراً في مقابلة تلفزيونية، أن معاناة مواطنيه ناتجة عن الفساد والفشل في النظام.

وفي عام 2019 بدأ الاقتصاد اللبناني ينهار بشكل متسارع، إذ دفعت الديون الدولية الهائلة والجمود السياسي بالبلاد إلى أسوأ أزمة تعيشها منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.

وتسبب الانهيار الاقتصادي في فقدان الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها، وتجميد ودائع المدخرين في النظام المصرفي الذي أصيب بالشلل.

ويترافق الانهيار مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحد من التدهور، وتحسّن من جودة حياة السكان الذين بات أكثر من 80% منهم تحت خط الفقر.

ولم تجتمع الحكومة اللبنانية منذ منتصف أكتوبر الماضي، على خلفية انقسامات سياسية تتعلق بأداء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، والذي أودى بحياة 215 شخصاً على الأقل، وتسبّب في إصابة أكثر من 6 آلاف و500 آخرين بجروح، ملحقاً دماراً واسعاً بالعاصمة.