الدكرورى يكتب عن بلال بن رباح الحبشي ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
بلال بن رباح الحبشي ” جزء 7″
ونكمل الجزء السابع مع بلال بن رباح الحبشي، ذلكم الصحابى الذي بلغ من الشرف فى الدين الأعناق، ذلكم الصحابى مثال التواضع تواضع فرفعه الله تعالى في الدين، ورفعه بالتواضع لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء توجه اليه، إلا ويحني رأسه ويغض طرفه ويقول وعبراته على وجنتيه تسيل “إنما أنا حبشي كنت بالأمس عبدا” إنه بلال بن رباح مؤذن الاسلام، ومزعج الأصنام الحبشى إنه بلال بن رباح رضي الله عنه وارضاه من المبشرين بالجنة لم يمنعه سواد بشرته من نور اليقين فأصبح وجهه المنير يضيء نور الشمس فعاش فى بقاع مكة وصخورها الحارة التى نالت من جسده رضى الله عنه في سيرته المليئة بالعبر والاخبار والفوائد والفرائد الكبار فهو من الكبار رضى الله تعالى عنه وارضاه.
والحقنا به مع سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والتابعين لهم بإحسان، فكان رضى الله عنه مملوكا، لأمية بن خلف الجمحي القرشى، فكان يجعل في عنقه حبلا ويدفعه إلى الصبيان يلعبون به وهو يقول أحد، أحد، لم يشغله ما هو فيه عن توحيد الله، وكان أمية يخرج في وقت الظهيرة في الرمضاء وهى الرمل الشديد الحرارة، لو وضعت عليه قطعة من اللحم لنضجت ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى، فيقول أحد، أحد، فمر به أبو بكر الصديق يوما فقال يا أمية، أما تتقي الله في هذا المسكين، حتى متى تعذبه؟ قال أنت أفسدته، فأنقذه مما ترى فاشتراه منه وأعتقه.
فأنزل الله فيه وفي أمية كما جاء فى سورة الليل ” فأنذرتكم نارا تلظى، لا يصلاها إلا الأشقى” أى بمعنى أن أميّة بن خلف ” الذى كذب وتولى، وسيجنبها الأتقى ” وهو أبو بكر الصديق رضى الله عنه ” الذى يؤتى ماله يتزكى، وما لأحد عنده من نعمة تجزى، إلا إبتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ” وذلك بما يعطيه الله فى الأخرى جزاء أعماله، ولقد تربى بلال رضى الله عنه، وتعلم في مدرسة النبوة، ورافق النبى صلى الله عليه وسلم كثيرا، مما كان له الأثر الكبير في شخصيته، ولقد اكتشف النبي صلى الله عليه وسلم موهبته ومهارته وصوته الندى، فأمره أن يؤذن، فكان أول مؤذن في الإسلام، وقد قال عطاء الخراسانى كنت عند ابن المسيب فذكر بلال.
فقال كان شحيحا على دينه، وكان يعذب في الله، فلقى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لو كان عندنا شيء، ابتعنا بلال، فلقى أبو بكر الصديق العباس بن عبد المطلب رضى الله عنهما، فقال اشتر لى بلال، فاشتراه العباس، وبعث به إلى أبى بكر، فأعتقه، وروى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال “وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة، وصهيب سابق الروم” وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال كنا ستة نفر، فقال المشركون اطرد هؤلاء عنك، فلا يجترئون علينا، وكنت أنا وابن مسعود وبلال ورجل من هذيل وآخران، فأنزل الله تعالى كما جاء فى سورة الأنعام ” ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه” وكان رضي الله عنه خازن رسول الله الأمين.
فعن عبدالله الهوزني قال لقيت بلال، فقلت يا بلال، حدثني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما كان له شيء، كنت أنا الذى ألي له ذاك منذ بعثه الله عز وجل، حتى توفى، وكان إذا أتاه الإنسان المسلم، فرآه عاريا، يأمرني به، فأنطلق، فأستقرض، وأشترى البردة، فأكسوه وأطعمه، وعن عبد الله بن أبى قتادة، عن أبيه قال سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال بعض القوم لو عرّست بنا يا رسول الله، قال “أخاف أن تناموا عن الصلاة” قال بلال أنا أوقظكم، فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس، فقال “يا بلال، أين ما قلت؟” قال ما ألقيت عليّ نومة مثلها قط.