الدكرورى يكتب عن السيدة رملة بنت أبى سفيان “جزء 7”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
السيدة رملة بنت أبى سفيان “جزء 7”
ونكمل الجزء السابع مع السيدة رملة بنت أبى سفيان، ولقد احتفلت المدينة بهذا الحدث العظيم وهو زواج النبى صلى الله عليه وسلم والسيده رمله بنت أبى سفيان، وأنزل الله تعالى في شأن هذا الزواج المبارك قوله تعالى من سورة الممتحنه “عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة” ويقول ابن عباس رضي الله عنهما، فكانت المودة التي جعل الله بينهم هو تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان، فصارت أم المؤمنين، وصار معاوية خال المؤمنين” هذا وقد شهد لها القريب والبعيد بالذكاء والفطنة، والفصاحة والبلاغة، وكانت فوق ذلك من الصابرات المجاهدات، ويظهر جهادها وصبرها من خلال هجرتها إلى الحبشة مع زوجها، تاركة أهلها وقومها.
ثم صبرها على الإسلام عندما تنصّر زوجها، مما أدى إلى انفصالها عنه، فصارت وحيدة لا زوج لها ولا أهل، وفي غربة عن الديار، ولكن الإسلام يصنع العجائب إذا لامس شغاف القلوب، فثبتت في موطن لا يثبت فيه إلا القليل، مما رفع قدرها، وأعلى منزلتها في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد مواساتها بزواجه منها، وأما عن إسهامها في باب الرواية، فقد روت عددا من الأحاديث النبوية ، منها ما جاء في الصحيحين، أنه لما جاء نعي أبي سفيان من الشام دعت أم حبيبة رضي الله عنها بصفرة في اليوم الثالث ، فمسحت عارضيها وذراعيها، وقالت إني كنت عن هذا لغنية لولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول ” لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج ، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا ” وكان حديثها رضي الله عنها، مشهور في تحريم الربيبة وأخت المرأة، وأيضا حديثها في فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن مشهور، وقد رواه عنها معظم رواة الحديث، كما حوت مروياتها أحاديث في وجوب الإحداد للمرأة المتوفى عنها زوجها، وعدم جوازه لغير الزوج فوق ثلاثة أيام، والكحل للحادّة، وفي أبواب الحج روت في استحباب دفع الضعفة من النساء وغيرهن من المزدلفة إلى منى في أواخر الليل قبل زحمة الناس، وفي أبواب الطهارة، الوضوء مما مسته النار، وفي صلاة الرجل في الثوب الذي جامع فيه، وما يجوز للرجل من المرأة الحائض.
وفي أبواب الصوم: روت في جواز القُبلة للصائم، وفي الدعاء بعد الأذان، وروت في العير التي فيها الجرس لا تصحبها الملائكة، وغيرها، وقد عاشت السيدة أم حبيبة رضي الله عنها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاثا وثلاثين سنة، متمسكة بهدية، سائرة على سنته، عميقة الصلة بالمؤمنين جميعا، مشاركة للمسلمين في الأحداث العظمى، ففي أيام الفتنة الكبرى، ولما اشتد أذى المتمردين على عثمان بن عفان رضي الله عنه قال الناس لو جئتم بأم المؤمنين، عسى أن يكفوا عنه، فجاءوا بأم حبيبة بنت أبي سفيان، فنظرت إليها وهي على بغلة بيضاء في محفة، فلما جاءوا بها إلى الدار، صرفوا وجه البغلة حتى ردّوها.
وكما كانت رضي الله عنها حسنة الصلة بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا، حريصة على ودهن واسترضائهن، ولقد كان لكل زوجة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ميزة تجعل لها خصوصية وأفضلية من أحدى النواحي، فكما كانت السيده خديجة بنت خويلد أولى زوجات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وخير نساء أهل الأرض، فقد كان لباقي زوجاته صفات خاصة تميزن بها، ومن بين نساء النبي صلى الله عليه وسلم، اللواتي كان لهن مواقف في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، عموما وفي تاريخ تأسيس الدولة الإسلامية إجمالا هي السيده أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما.