الدكرورى يكتب عن هند بنت ابى أمية المخزومية “جزء 2”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
هند بنت ابى أمية المخزومية “جزء 2”
ونكمل الجزء الثانى مع هند بنت ابى أمية المخزومية، ونصائحها لعثمان بن عفان في خلافته باتباع طريق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الصدّيق والفاروق، وقد استشهد أبو سلمة في غزوة أحد، وترك خلفه أربعة أطفال بلا مُعيل أو كفيل، وقد كان هو وأم سلمة ممن قدموا للإسلام الكثير وعانوا في ذلك، فقدر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ظرف السيده أم سلمة وأطفالها وحاجتهم إلى الكفالة، فتقدم لخطبتها وقد قيل أنه كان عمرها حينذاك بين الخمس والخمسين والستين، فاعتذرت بداية لكبر سنها وما لها من الأيتام، إضافة للغيرة الشديدة عندها، فرد الرسول بأنه لا يهمه العمر وبأن عيالها عياله، والغيرة سيُذهبها الله تعالى بعد الدعاء.
فكان ذلك وتزوجها النبي وربّى أيتامها وأحبهم حبا عظيما، فهي السيده هند بنت أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكان أبوها من أجواد قريش، وكان يُعرف بزاد الركب لكرمه، وسخائه، وكانت أمها هي عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن عبد المطلب، أخوالها لأبيها عبد الله وزهير ابنا عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تزوجت السيده أم سلمة من ابن عمها أبو سلمة رضى الله عنهما، وهو عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن مخزوم القرشي، وهو من الصحابة الأجلاء الذين أبلوا في الإسلام بلاء حسنا، وهو ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمه هى برَّة بنت عبد المطلب.
وقد هاجرت السيدة أم سلمة مع زوجها رضي الله عنهما إلى الحبشة، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جوار، وأمنا على ديننا، وعبدنا الله لا نؤذى، فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي هدايا، فجمعوا أدما كثيرا، ولما أذن الله للمسلمين بالهجرة إلى المدينة، وقعت قصة عظيمة للسيدة أم سلمة رضي الله عنها، تتجسد فيها أسمى معاني التضحية والصبر لله تعالى، حيث كان أبو سلمة رضى الله عنهما أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، من بني مخزوم، وقد هاجر رضى الله عنه قبل بيعة أصحاب العقبة بسنة.
وكان رضى الله عنه قد قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة، فلما آذته قريش، وبلغه إسلام من أسلم من الأنصار، خرج رضى الله عنه إلى المدينة مهاجرا، وقد عانت السيدة أم سلمة رضي الله عنها ألما شديدا، في هذه الهجرة، فتقول رضي الله عنها، لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل لي بعيره ثم حملني عليه، وحمل معي ابني سلمة بن أبي سلمة في حجري، ثم خرج بي يقود بي بعيره، فلما رأته رجال بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قاموا إليه، فقالوا هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتك هذه؟ علام نتركك تسير بها في البلاد؟
قالت فنزعوا خطام البعير من يده، فأخذوني منه، قالت وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد، رهط أبي سلمة، فقالوا لا والله لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا، قالت فتجاذبوا ابني سلمة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد، وحبسني بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة، قالت ففرق بيني وبين زوجي وبين ابني، فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي، حتى أمسى سنة أو قريبا منها، حتى مر بي رجل من بني عمي وهو أحد بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني، فقال لبني المغيرة ألا تخرجون هذه المسكينة، فقد فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها.
فقالوا لي الحقي بزوجك إن شئت، وقد رد بنو عبد الأسد إليَّ عند ذلك ابني، فارتحلت بعيري، ثم أخذت ابنى فوضعته في حجري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة، وما معي أحد من خلق الله، فقلت أتبلغ بمن لقيت حتى أقدم على زوجي، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة أخا بني عبد الدار، فقال لي إلى أين يا بنت أبي أمية؟ فقلت له أريد زوجي بالمدينة، فقال أوما معك أحد؟ فقلت لا والله إلا الله وبُني هذا، فقال والله ما لك من مترك، فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يهوي بي، فوالله ما صحبت رجلا من العرب قط، أرى أنه كان أكرم منه كان إذا بلغ المنزل أناخ بي، ثم استأخر عني.