الدكرورى يكتب عن نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 14″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 14″
ونكمل الجزء الرابع عشر مع نبي الله لوط عليه السلام، فحين يقص القرآن الكريم شأن قوم لوط، فإنه يريد أن يحذر هؤلاء الذين يؤمنوا من عمل قوم لوط وعاقبة فعلهم، وذلك ليتدبروا ويعتبروا ولا يعتدوا إلى ما لا يحل لهم، وليعلموا أن عقوبة من عمل عمل قوم لوط هو اللعنة من الله، ومن رسوله، وقد أرسل الله تعالى نبيه لوط عليه السلام لكى يدعوا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له وينهاهم عن المحرمات والفواحش، ولقد جاهدهم لوط جهادا عظيما وأقام عليهم حجته، مرت شهور وسنوات وهو مستمر فى دعوته بغير أن يؤمن معه أحد ، فلم يؤمن به سوى أهل بيته عدا زوجته كانت كافرة ومن هنا ضرب الله عز وجل فى كتابه الكريم مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط ، استمر قوم لوط على كفرهم وفجورهم.
فتمادوا فى ضلالهم وطغيانهم ، كان نبى الله لوط صابرا على قومه لسنوات عديدة ، ولم يؤمن به أحد ، بل راحوا يهزأون برسالته ويقولون له ” إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين” ولما وقع هذا يئس لوط عليه السلام منهم ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين ، فأحل الله بهم من البأس الذى لا يرد ما لم يكن فى حسبانهم وجعلهم عبرة يتعظ منها الناس، وبعدها أرسل الله له ثلاثة من الملائكة فى صورة رجال وقصدوا منزل نبى لوط عليه السلام سألهم من أين جاءوا وما هى وجهتهم، فصمتوا عن إجابته وسألوه أن يستضيفهم، وهنا استحى وقال لهم لا يوجد على سطح الأرض أخبث من أهل هذا البلد لكى يصرفهم عن المبيت فى هذه القرية، وحدثهم أنهم خبثاء ويخذون ضيوفهم، كان بداخله صراع محاولا التوفيق بين صرف ضيوفه عن المبيت فى القرية.
دون إحراجهم، وعدم الإخلال بكرم الضيافة وحاول التلميح لهم أن يستمروا فى رحلتهم دون النزول بهذه القرية، فلما رأى نبى الله لوط إصرارهم على المبيت فى القرية اقترح عليهم أن ينتظروا حتى يأتى المغرب وتنزل العتمة على المدينة كى لا يراهم أحد من أهل القرية، حتى حل الليل على المدينة وصحب نبى الله لوط ضيوفه إلى بيته ولم يرهم أحد من أهل المدينة، ولكن ما أن شاهدت زوجته الضيوف حتى تسللت خارج المنزل دون أن يدرى وأسرعت إلى قومها وأخبرتهم الخبر، وانتشر الخبر فى المدينة وهرع قومه إليه ” وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات ” وتحققت نبوءة نبى الله لوط وبدأ اليوم العصيب ” وقال هذا يوم عصيب وقف القوم على باب بيت نبى الله لوط وخرج إليهم متعلقا بأمل أخير، وأن يبين لهم أن النساء أطهر من الرجال إلى الرجال.
“قال يا قوم هؤلاء بناتى هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون فى ضيفى أليس منكم رجل رشيد” وكان نبى الله لوط يحاول أن يلمس نفوسهم من جانب التقوى والفطرة وأن يتقوا الله، ويحاول أن يحثهم على أنه ينبغى عليهم إكرام الضيف لا فضحه، وانتظر قومه حتى انتهى من موعظته القصيرة، وظلوا يضحكون ولم تؤثر فيهم كلمه واحدة مما قالها لهم نبى الله لوط عليه السلام ” قالوا لقد علمت ما لنا فى بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد” فدخل لوط عليه السلام غاضبا وأغلق باب بيته، ووقف يستمع إلى الضحكات والضربات التى تنهال على الباب، ويرتعد وراء الباب خجلا وحزنا وأسفا، لكن كان الغرباء يجلسون فى هدوء، ودهش نبى الله لوط من هدوئهم، وبدأت أخشاب الباب أن تتقوس وصرخ نبى الله لوط فى لحظة يأس ” قال لو أن لى بكم قوة أو آوى إلى ركن رشيد
وحين قال نبى الله لوط هذه الكلمات تحرك ضيوفه ونهضوا فجأه، وأفهموه أنه يأوى إلى ركن شديد وهوالله ” قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك، ولا تخف يا لوط نحن من الملائكة قيل إنهم جبريل وميكائيل وإسرافيل ولن يصل إليك هؤلاء القوم، وفجأة انكسر الباب واندفع القوم داخل بيت نبى الله لوط عليه السلام، ونهض جبريل عليه السلام وأشار بطرف جناحه فطمست أعينهم ” ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابى ونذر” وقد أمر الملائكة بعدها نبى الله لوط عليه السلام أن يصحب أهله أثناء اليل ويخرج، وأنهم سيسمعون أصواتا تزلزل الجبال لا يلتفت أحد إليها ، كى لا يصيبه ما يصيب القوم، فهو عذاب يكفى لوقوعه للمرء مجرد النظر إليه، وأفهموه أن امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم.