الدكروري يكتب عن السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 12″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 12″
ونكمل الجزء الثاني عشر مع السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد، وقيل توفيت السيدة فاطمة الزهراء بعد ستة أشهر من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وفي يوم وفاتها نادت مولاتها أم رافع، وجاءت بماء فاغتسلت أحسن اغتسال، ثم لبست أحسن ثيابها، ثم طلبت أن يكون فراشها في وسط بيتها، ثم اضطجعت واستقبلت قبلتها وقالت كأني مقبوضة، فما لبثت أن قبضت روحها إلى خالقها وبارئها رضي الله عنها وأرضاها، وكان ذلك وهي ابنة ثلاثين سنة على الصحيح، كما روى ذلك عبد الله بن محمد بن الحسن، وقيل صلى عليها العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل في قبرها علي والفضل رضي الله عنهم أجمعين، وكانت السيدة فاطمة رضي الله عنها هي أول من وضع له القباء من نساء المسلمين لأنها كانت رضي الله عنها حيية تحب الستر.
فكانت في حديث مع أسماء تقول لها هؤلاء النساء عندما يكفن يكون الثوب فوقهن فكأنه يصف أجسادهن، فقالت لقد رأيت شيئا عند أهل الحبشة، وذكرت لها أنهم يضعون جريدا فيرفعون به عن جسم المرأة، فلما ماتت السيدة فاطمة رضي الله عنها صنع بها ذلك، فكانت أول امرأة في الإسلام فعل بها ذلك، ومضت إلى الله سبحانه وتعالى بهذا الصبر والاحتمال والقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم والنموذج المثالي للمرأة المسلمة الصابرة المحتسبة، والزوجة الوفية العاملة البارة بزوجها الوفية لعشرتها، وكان لها أعظم الفضل فيما أكرمها الله عز وجل به من الأبناء الذين كان لهم أثر عظيم وبر كبير ومنفعة، حتى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من مناقب الحسن والحسين ما هو معلوم، وأما عن هل أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الدرع الحطمية للإمام علي رضي الله عنه في غزوة أحد؟
فالقول بأنه صلى الله عليه وسلم أعطاها للإمام علي رضي الله عنه بعد غزوة أحد غير صحيح، بل أعطاه إياها بعد غزوة بدر، ولذلك استشكل بعض الناس كيف نحر حمزة شارفين في وليمة عرس علي رضي الله عنه؟ وأما عن حكم القول للعروس جمع الله بينكما كما جمع بين علي وفاطمة، فقيل أنه لا يعرف لذلك أصلا، والذي ذكر في الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للإمام علي رضى الله عنه “إذا أخذت زوجك فلا تصنع شيئا حتى آتيك” وأم أيمن هي التي تولت الجهاز، فجاء صلى الله عليه وسلم فسلم فردت أم أيمن فقال أين أخي؟ قالت كيف أخوك وزوجته ابنتك؟ قال ذلك يكون، يعني هو أخي في الإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم آخى بينه وبين علي يوم آخى بين المهاجرين والأنصار، فلم يكن للإمام علي أخ من الأنصار.
بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو أخاه، ثم لما جاء دعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء، قيل توضأ فيه، وقيل مج فيه، ثم سكب منه على علي وفاطمة ودعا لهما وبرك عليهما أي دعا لهما بالبركة، ثم قال للإمام علي “خذ أهلك وزوجك” وكذلك فى زواج الإمام على من السيدة فاطمة الزهراء العبرة والعظة فى نفقات الزواج ومصاريف العرس، فإن من باب الأولويات التوفير والتخفيف في نفقات الزواج لنسد الثغرات الكثيرة في جراحات الأمة، فلم يسرف الناس في هذا والمسلمون اليوم في كرب وضنك وحاجة شديدة، وكثير من المال الذي يصرف في غير مكانه قد يكون في كثير من الأحوال إثما يسجل على صاحبه، وبعض الناس يقولون هي ليلة العمر، وبعض الناس يقولون غير ذلك، فنقول ما جاوز حد الاعتدال فهو سرف، وما كان فيه إثم أو حرمة.
فهو حرام في ذلك اليوم وفي غيره، في تلك الليلة وفي غيرها، ولقد كان بيت الإمام علي رضي الله عنه أنموذجا لبيوت المسلمين، وينبغي أن يقتدى به، ولقد خصت السيدة فاطمة الزهراء بتلك المحبة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم من بين أخواتها، لقربها منه، ولكونها امتدت في حياتها معه ذلك الوقت كله، فكان من هذا ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من فضائلها، ولأخواتها أيضا من الفضائل ما قد ذكر في نصوص أخرى، لكن فضل السيدة فاطمة الزهراء قد اشتهر لأنها بقيت إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي أبقى الله عز وجل ذريتها ليكون امتداد نسب النبي، صلى الله عليه وسلم من فاطمة رضي الله عنها.