الدكروري يكتب عن السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 11″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 11″
ونكمل الجزء الحادي عشر مع السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد، وقال الراوي كما جاء في صحيح البخاري، حتى فاضت عينا أبي بكر بكاء رضي الله عنه، فلما تكلم قال والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيه عن الخير، ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه إلا صنعته، فقال علي لأبي بكر موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه، ثم استغفر، ثم تشهد علي فعظم حق أبي بكر وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله الله به، ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيبا فاستبد علينا فوجدنا في أنفسنا، فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت.
وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع المعروف، فهل في هذا النص ما يقوله القائلون وما يرجف به المرجفون وما يقوله الذين أفسدوا على الناس مقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ينبغي أن يكون عليه حالهم؟ وإن كان الناس يبرءون أنفسهم من مثل هذه الشحناء فكيف بأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ بل كيف بالصفوة المباركة من المقربين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وأما بخصوص زواج الإمام على بن أبى طالب من بنت أبو جهل، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم” وقال النووي رحمه الله قال العلماء في هذا الحديث تحريم إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم بكل حال وعلى كل وجه، وإن تولد ذلك الإيذاء مما كان أصله مباحا.
وهو حي صلى الله عليه وسلم وهذا بخلاف غيره، فلما كان ذلك يؤدي إلى إيذاء فاطمة وذلك يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم حرم من هذا الوجه، أو لم يكن ممكنا الجمع بينهما من هذا الوجه، وقال النووي وقد أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بإباحة نكاح بنت أبي جهل لـعلي بقوله “لست أحرم حلالا، ولا أحل حراما” ولكنه نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين إحداهما أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة فيتأذى حينئذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهلك من آذاه، فنهى عن ذلك لتمام شفقته على الإمام علي وعلى السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنهم، وقيل أيضا السبب كان خوف من الفتنة عليها بسبب الغيرة، وقيل هذا كان بسبب الغيرة، وهو مذكور أيضا، فإنه صلى الله عليه وسلم قال “إني أخشى أن تفتن في دينها” أي بسبب غيرتها لأنها ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والإمام علي ابن عمها رضي الله عنهما، ولذلك أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين هذا، فترك علي خطبتها لئلا يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت أن عليا لم يتزوج معها غيرها، بل ولم يتسر بغيرها من السراري أو الإماء حتى توفيت رضي الله عنها وأرضاها، وكيف ندرك هذه العلاقات العظيمة والمآثر الكريمة والأقوال الجليلة في مدح بعضهم بعضا، وثناء بعضهم على بعض، ومعرفة بعضهم حق بعض، حتى قال سعد وهو حديث مشهور ثلاث للإمام علي تمنيت لو أن لي واحدة منها، وذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم له “أما أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى” وذكر كذلك قوله صلى الله عليه وسلم في يوم خيبر “لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله” فهذا كله معروف شائع بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ومقامهم وحالهم يدلنا على أنهم أليق بذلك وأجدر به، وإن كنا اليوم نعيب الإنسان إذا كانت له خصومة مع صديق أو حبيب أو قريب، ونرى في ذلك جفاء في طبعه، ونرى في ذلك سوءا في خلقه فكيف ينسب ذلك إلى صفوة الخلق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكيف ينسب إلى أبي بكر وهو الذي يبكي عندما يذكر أبناء وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهو الذي جعل نفسه قائما بأمر الأمة كلها عموما وأمر أهله صلى الله عليه وسلم خصوصا وكيف بعمر رضي الله عنه الذي كان يعطي أمهات المؤمنين أكثر ما يعطي من العطاء الذي يوزعه للمسلمين، وغير ذلك مما هو مشهور معلوم ثابت في الصحيح، وقيل توفيت السيدة فاطمة الزهراء بعد ستة أشهر من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وفي يوم وفاتها نادت مولاتها أم رافع.