الدكروري يكتب مواصفات الزوجة الصالحة التقية ” جزء 10″بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مواصفات الزوجة الصالحة التقية ” جزء 10″
ونكمل الجزء العاشر مع مواصفات الزوجة الصالحة التقية، وعن ابي هريرة رضي الله عنه، قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “أنظرت إليها؟ قال لا، قال فاذهب، فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا” وقال صاحب عون المعبود “يؤخذ من الأحاديث استحباب تزوج الجميلة، إلا إذا كانت الجميلة غير دينة، والتي أدنى منها جمالا متدينة، فتقدم ذات الدين، أما إذا تساوتا في الدين فالجميلة أولى” وفي ذلك يروى عن أكثم بن صيفي أنه قال لبنيه يا بني، لا يغلبنكم جمال النساء على صراحة النسب، فإن المناكح الكريمة مدرجة للشرف، فالجمال بالنسبة للمرأة ما لم يكن محصنا بالنشأة الدينية والتربية القويمة والأصل العريق، قد يصبح وبالا عليها، إذ يغري الفساق بالطمع فيها.
ويهون عليها التفريط بشرفها، مما يؤدي بها إلى التردي في هوة الفاحشة، دون مبالاة بما يعود على الأسرة من دمار، وما يلوث من عار وشنار، وإن من المحرمات أيضا هو الزيادة على الأربع، لقوله تعالى كما جاء في سورة النساء ” فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع” ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر من أسلم وتحته أكثر من أربع زوجات، بمفارقة ما زاد على الأربع، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “أمسك أربعا، وفارق سائَرهن” وعن قيس بن الحارث رضي الله عنه قال أسلمت وعندي ثماني نسوة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك، فقال “اختر منهن أربعا” وعن أبي بردة عن أبيه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“ثلاثة لهم أجران، رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها، فتزوجها، فله أجران” فإن المرأة إذا كانت صالحة مؤمنة تقية ورعة، كانت كبنت خويلد رضي الله عنها، التي آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كفر الناس، وصدقته إذ كذبوه، وواسته بمالها إذ حرموه، فكانت خير عون له في تثبيته أمام الصعاب والشدائد، وكانت كأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، مثال المرأة الحرة الأبيّة، التي دفعت بولدها إلى طريق الشهادة، وحرضته على الصمود أمام قوى الجبروت والطغيان، ليموت ميتة الأحرار الكرام، أو كانت كصفية بنت عبدالمطلب التي دفعت بنفسها إلى غمار الوغى، لتدفع يهود عن أعراض المسلمين
أو كانت كالخنساء التي جادت بأولادها الأربعة في سبيل الله، وعندما جاءها نبأ استشهادهم قالت الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم وإني لأرجو الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته، وإن من صفات الزوجة الصالحة هو الزوجة الولود، بأن تكون ولودا، وذلك لما ورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، من تحبيب بطلب الذرية الصالحة، وحث على التكاثر في النسل، بما يحقق الغرض الأسمى من الزواج، والمتمثل في استمرار النوع البشري، وإنجاب الذرية، ودوام عمارة الإنسان للأرض، التي هي من الغايات الأساسية التي خلقه الله من أجلها، فيقول تعالي في سورة الكهف ” المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا”ويقول الله عز وجل أيضا في سورة أل عمران ” زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب”
فقد بينت الآيات الكريمات أن البنين من متاع الحياة الدنيا وزينتها، وأن طلب النسل من الأمور التي حببها الله إلى خلقه، وطبعهم على ابتغائه، وجعله جبلة فطرية فيهم، كما وجعله أمنية أجراها على لسان رسله وأنبيائه، وبغية للمؤمنين يحرصون على إدامة الدعاء في طلبها، وفي السنة المطهرة، ما روي عن معقل بن يسار قال “قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أصبت أمرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال لا، ثم أتاه الثانية، فنهاه، ثما أتاه الثالثة، فقال “تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم” وتعرف الولود بالنظر إلى حالها من كمال جسمها وسلامة صحتها من الأمراض التي تمنع الحمل أو الولادة، وبالنظر إلى حال أمها، وقياسها على مثيلاتها من أخواتها وعماتها وخالاتها المتزوجات، فإن كن ممن عادتهن الحمل والولادة كانت في غالب أمرها مثلهن.