نبي الله داود عليه السلام ” جزء 16″

الدكرورى يكتب عن نبي الله داود عليه السلام ” جزء 16″

بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 16″

ونكمل الجزء السادس عشر مع نبي الله داود عليه السلام، وكان قد شيع جنازته يومئذ أربعون ألف راهب عليهم البرانس سوى غيرهم من الناس، ولم يمت في بني إسرائيل بعد نبى الله موسى وهارون أحد، وكانت بنو إسرائيل أشد جزعا عليه منهم على داود، فآذاهم الحر فنادوا على نبى الله سليمان أن يعمل لهم وقاية لما أصابهم من الحر، فخرج نبى الله سليمان فنادى الطير فأجابت فأمرها أن تظل الناس، فتراص بعضها إلى بعض من كل وجه، حتى استمسكت الريح فكاد الناس أن يهلكوا غما فصاحوا إلى نبى الله سليمان من الغم، فخرج نبى الله سليمان فنادى الطير أن أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي عن ناحية الريح، ففعلت فكان الناس في ظل تهب عليهم الريح، فكان ذلك أول ما رأوه من ملك سليمان عليه السلام، فكان هو النبي، الملك، العابد، القانت، الأواب، المجاهد.

داوود بن أبشا بن عوير بن سلمون بن نحشون بن عوينا دب بن أرم بن حصرون بن فرص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، وفي حياة نبي الله داود عليه السلام دروس وعبر منيرة، في جوانب كثيرة من الحياة، فهناك دروس علمية، وهناك دروس سياسية، وهناك دروس قضائية، وهناك دروس عسكرية، وهناك دروس اقتصادية، وهناك دروس عامة أخرى، فمن الدروس العلمية في قصة هذا النبي الكريم بيان شرف العلم النافع وأثره الحسن في صلاح الحياة، سواء كان علم دين أم علم دنيا، فالعلم نور يشرق على جوانب الحياة الخاصة والعامة, فيرى به صاحبه السبل السوية فيسلكها، والأحوال المرضية فيأخذ بها، ونبي الله داود عليه السلام، كان ممن جمع له علم الدين والدنيا، فكان عالما بالشرع، وعالما بالسياسة، وعالما بالقضاء.

وعالما بالصناعة، وغير ذلك، وإن من الدروس العلمية هو شكر الله تعالى على نعمة العلم النافع، وهو علم الدين وعلم الدنيا، فالشكر يزيد هذه النعمةَ ويبارك فيها ويحفظها، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة إبراهيم ” وإن من شكر العلم هو استعماله فيما يرضي الله تعالى كنفع الناس به، والاستعانة به على صلاح الدنيا والدين، وهكذا كان نبي الله داود مع ابنه سليمان عليهما السلام، وفي سيرة نبي الله داود عليه السلام، جانب آخر في حياته المختلفة فيه عظات ودروس، هذا الجانب هو الجانب العسكري، فمن الدروس العسكرية في هذه السيرة النضرة هو المشاركة في الخروج في الجهاد في سبيل الله تعالى، ضد الكفار الذين يفسدون في الأرض، كما خرج داود عليه السلام مع طالوت لقتال جالوت وجنوده، وإن من الدروس العسكرية هو أهمية قتل قائد العدو.

في حسم المعركة، وأن الرجل العسكري الخافت قد يُبرز شأنه موقف عسكري واحد له أهميته فتعرف بذلك منزلته ومكانته، كما حصل لنبى الله داود عليه السلام في قتله لجالوت، ومن الدروس العسكرية أيضا، هو أن مدافعة أهل الباطل ورد باطلهم من أسباب صلاح الأرض وأهلها، إذ لو تركوا لفسدت الأرض، فقال الله تعالى فى سورة البقرة ” ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ” وأن هناك مجال حياتي مهم كان لنبى الله داود عليه السلام، يجب الاعتناء به، والسير في بعض جوانبه قدوة نقتدى به فيه، وهذا المجال هو المجال الاقتصادي، ففي حياة نبى الله داود عليه السلام، دروس اقتصادية متعددة، فمنها الحرص على الاهتمام بالصناعات التي تصلح حياة المسلمين وتدفع عنهم السوء.

ومن ذلك الصناعات العسكرية، والاهتمام بالإتقان والدقة في الصناعة، وشكر الله تعالى على تعليمه العبد صناعة من الصناعات، وإن من الدروس الاقتصادية أيضا هو الحرص على العمل والكسب الحلال، والأكل من عمل اليد، دون الانتظار لكسب الآخرين, والسعي لطلب الرزق وكف النفس عن الناس يصلح النفس، ويقوي عود الدين، ويبني المجتمع وينبذ عنه الكسل والكسالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده” رواه البخاري، وإن من الدروس الاقتصادية أيضا هو وجوب تسخير نعمة معرفة الصناعات النافعة في نفع الناس وإصلاح عيشهم، ودفع الضرر عنهم، وإن من الدروس الاقتصادية أيضا هو تفاوت الناس في الأرزاق.