نبي الله داود عليه السلام ” جزء 19″

الدكرورى يكتب عن نبي الله داود عليه السلام ” جزء 19″
بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 19″
ونكمل الجزء التاسع عشر مع نبي الله داود عليه السلام، وحينما حصلت المواجهة بين جيش بني إسرائيل وجيش جالوت تمكن داود عليه السلام من قتل جالوت زعيم الجبارين في فلسطين، حيث انتصر حينها بنو إسرائيل ودخلوا فلسطين، ثم مكن الله سبحانه لداود عليه السلام في الأرض حينما أصبح ملكا على قومه، ثم خلفه بعد وفاته ابنه سليمان عليه السلام، وكان نبى الله داود عليه السلام مثالا في التقوى والورع والشجاعة والفروسية، فقد كان صواما قواما يصوم يوماً ويفطر يوما، كما كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وقد آتاه الله الحكمة حينما كان يقضي بين الناس، وقد ذكر الله عز وجل قصة الرجلين اللذين تسورا المحراب عليه ليحكم بينهما فيما اختلفا فيه، كما آتاه الله فصل الخطاب، حيث كان خطيبا بارعا مفوها لا يشق له غبار.

كما سخر الله تعالى له الجبال والطير لتسبح معه، وأمّا حرفته ومهنته التي اشتهر بها عليه السلام فهي الحدادة، فقد ألان الله سبحانه وتعالى له الحديد حتى يستطيع أن يشكل منه ما أراد من الأدوات التي ينتفع منها الناس، ومن بين الأمور التي احترف صناعتها صنع الدروع التي تقي الرجال في الحروب، وقد برع عليه السلام في حرفته تلك حينما كان يقدر حلق الدروع ويحكم صنعتها، ومازالت هذه السيرة العطرة لهذا النبي الكريم تفيض بالعبر والعظات والدروس، ومن دروسها العامة، هو أن الفضل ليس بتقدم السن، ولا بالأبوة إذ لا يلزم أن يكون الكبير أفضل من الصغير، ولا الأب أفضل من الابن، فالفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ففي هذا القصة ظهر فضل فهم نبى الله سليمان على أبيه بتفهيم الله إياه، ولكن ذلك لا ينقص من قدر داود عليه السلام.

وفي القصة بيان فضل القوة النافعة أيا كانت قوة دينية أم قوة دنيوية، وفي القصة فضل غيرة الرجل على نسائه، والعمل على إبعاد كل سبيل تشينهن، وأن ذلك من كمال الرجولة، فعند الإمام أحمد في مسنده بسند جيد, عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “كان داود النبي فيه غيرة شديدة، وكان إذا خرج أغلقت الأبواب فلم يدخل على أهله أحد، حتى يرجع” وفي القصة أايضا بيان فضل حسن الصوت وأنه نعمة من نعم الله تعالى إذا استعمل في الخير، فقد كان نبى الله داود عليه السلام، نديّ الصوت حسنه، فاستغل ذلك في طاعة الله تعالى، فقصة نبي الله داود عليه السلام التي تبين من خلالها حرص أعداء الأنبياء من اليهود وغيرهم على تشويه صورة الرسل والنبيين عبر الأجيال، وقد رأينا ما فيها من العظات والدروس.

وهكذا لو تأمل المسلم في قصص الرسل والأنبياء بعين متأملة سيجد خيرا كثيرا بتدبره لتلك القصص الصادقة، وأما عن صحة قصة دخول ملك الموت على نبى الله داوود عليه السلام؟ فلقد ورد في قصة دخول ملك الموت على نبي الله داود حديث، رواه أبو هريرة رضي الله عنه، فقد قال، قال رسول الله صل الله عليه وسلم “إن داود عليه السلام كان رجلا غيورا وكان إذا خرج أغلق الأبواب فأغلق ذات يوم وخرج فأشرفت امرأته فإذا هي برجل في الدار فقالت من أدخل هذا الرجل ؟ لئن جاء داود ليلقين منه عناء, فجاء داود فرآه فقال من أنت ؟ فقال أنا الذي لا أهاب الملوك ولا يمنع مني الحجاب فقال فأنت والله إذا ملك الموت وزمل داود عليه السلام مكانه” وأما عن صحة قصة نبى الله داود عليه السلام مع المرأة ؟ وفي ذكر هذه القصة ذكر أن إبليس.

تلبس على هيئة طائر من ذهب ووقف بالقرب من داود عليه السلام، ولمَّا أراد النبي بلوغه إذ بامرأة تغتسل بالقرب منه، فنفضت شعرها وسترت نفسها به فأحبها، وكان زوجها جنديا في جيش نبى الله داود عليه السلام، واسمه أوريا بن حنا، فطلب داود عليه السلام، من قائد جنده أن يقدم أوريا في القتال ليكون في مقدمة الجند، فقتل أوريا بذلك وتحللت المرأة للنبى داود عليه السلام فعاتبه الله على محبته امرأة ليست له، وهذا من ذنوب الأنبياء التي يعاتبهم الله عليها، وقيل إنما كانت نيته في تقديم أوريا أنه ذو بأس وقوة وكان يرجو النصر على يديه وأن يكفيه الله وجوده، وقد قال في هذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه من يتحدث على النبي بسوء أو يقذفه جلدته مئة وستين جلدة مؤكدا عدم صحة تلك القصة.