نبي الله داود عليه السلام ” جزء 21″

الدكرورى يكتب عن نبي الله داود عليه السلام ” جزء 21″

بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 21″

ونكمل الجزء الواحد والعشرون مع نبي الله داود عليه السلام، وأن الحكم بين الناس أفضل من العبادات الخاصة لأن داود بالتأكيد لما أغلق الباب ما أغلقه ليلعب أغلقه ليتعبد، ذهب إلى محرابه يصلي، وأن الأنبياء يلحقهم ما يلحق الناس من جهة الطبيعة البشرية، النبي قد ينسى، يذهل، يتسرع، ممكن يحدث منه هذا، لكن أقل بكثير من غيره، يعني يخطئ النبي لكن خطأه بالنسبة لخطأ الآخرين قليل جدا، لكن للتدليل على أنه بشر وليس بملك، فيقع منه، إنا بشر من البشر أغضب كما يغضبون، أنسى كما تنسون، وأنه ينبغي استعمال الأدب في الدخول على القضاة، وأما الدخول اقتحام مجلس القاضي بغير إذن فلا يصح، وأن الحاكم لا يمنعه سوء أدب الخصم في الحكم له إذا كان معه الحق، يعني قد يأتي للقاضي اثنان الحق مع واحد منهما، ولكن قليل أدب، وطويل لسانه

والآخر مؤدب جدا لكنه ظلم، فلا يمنع سوء أدب صاحب الحق أن يحكم له، والآخر ولو كان مؤدب جدا إذا كان ظالما يحكم عليه، وفيه حلم نبى الله داود عليه السلام لأنه لما حصل هذا ما غضب عليهما وعاقبهما، وقال كيف دخلتما بغير استئذان، ولأسجننكما ولأجلدنكما ولأفعلن بكما، وإنما سامح وغفر وتغاضى، ولم ينتهر، ولم يوبخ، وهذه أخلاق الأنبياء، وفي القصة أن الإنسان لو تسبب في فزع غيره أن عليه أن يؤمنه، وأن يهدئ من روعه، وأن على من أراد أن يتكلم بين يدي القاضي، ألا يقول له كلاما مسيئا، كأن يقول لا تشطط، لا تظلم، احكم بالعدل، لا تحكم بالظلم، فإن مثل هذا الكلام لا يليق، لم يقل القاضي شيء بعد، هو القاضي لو كان ظلم ممكن يقول، أذكره بالله، لكن القاضي الآن هو نبى الله داود عليه السلام لما تكلم الآن، القصة ما عرضت.

هذه أول العرض ما جاءت بعد الشكوى، ولا جاءت الدعوى، إذا الإنسان إذا أراد أن يتكلم بين يدي القاضي يأتي بالكلام المناسب اللائق، وليس بالكلام الذي يجعل القاضي في ضيق مما يسمع، وفي الآية أن الموعوظ والمنصوح ولو كان كبير القدر جليل العلم إذا نصح لا ينبغي أن يشمئز، ولا أن يغضب، وكذلك نبى الله داود عليه السلام صحيح النصيحة ما كانت في محلها لكن لأنها جاءت لا تشطط، وفيها وصية، وفيها تنبيه تقبلها، وفي الآيات أن الأخوة بين المؤمنين لا تنتفي بمجرد العدوان، يعني مع أن هذا حصل ظلم في الموضوع، لكن مع أنه حصل ظلم في الموضوع لكنه لم يمنعه من أن يصفه بأنه أخ، فقال تعالى كما جاء فى سورة ص ” إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ” وفي الآيات أن بعض الخصوم يكون أقوى من غيره في الخصومة حتى يغلبه.

ويمكن أن نعتذر لنبي الله داود بأنه لم يسمع من الآخر أنه أراد السرعة في إنهاء القضية ليتفرغ للعبادة التي احتجب عن الناس من أجلها، وفي الآية جواز قول المظلوم لمن ظلمه أنت ظلمتني، لأنه قال ” خصمان بغى بعضنا على بعض ” فبعض الناس ينصحون الأقارب ألا يشارك بعضهم بعضا حتى لا تقع خصومة، فيقول إذا أردت أن تشارك لا تشارك صديقا أو أخا صاحبا، ولا قريبا، ولا واحد من أهل الزوجة، لأنك إذا صار بينك وبينه غدا خصومات في الشركات يكون الحرج البالغ أنك تخسر أخا زوجتك، أو تخسر ابن عمتك، أو تخسر صديق عمرك، لو تأملنا في الشراكات التي تحصل بين الناس سنجد أن هناك عددا من الناس خسر بعضهم بعضا، بالرغم من أنهم أقارب، أو أصهار، أو جيران، أو زملاء في العمل، أو أصدقاء عمر وطفولة.

بسبب دخلوا في الشراكة وحصلت الخلافات، وأحيانا الخلافات تحصل بسوء ظن، وتحصل بتفسيرات مختلفة للحدث الواحد كل واحد يفسرها على رأيه، ثم يتنازعان في القضية، وأن هذه الفتنة التي حصلت لنبى الله داود عليه السلام ما نقصت من درجته عند ربه، ولا أنزلت من رتبته عند الله، بل رفعته، وأنه بعد الفتنة صار أفضل مما كان قبل الفتنة، وهكذا بعض الناس ربما يكون له الذنب أنفع من جهة أنه يكون بعد الذنب التوبة الشديدة، ومحاولة الاستدراك، والأعمال الصالحة أفضل مما كان قبل الذنب، لكن ليس معنى هذا أن الواحد يذنب ليكون أفضل لأنه قد يذنب وينتكس، ويذنب مرة ثانية وثالثة ورابعة، وإذا به في مسلسل من الذنوب والخطايا، وفي الآيات أهمية الجمع بين الإيمان والعمل الصالح، وأن الحاكم الذي يجلس للناس لا يصح أنه يحتجب عنهم.