الدكرورى يكتب عن زيد بن ثابت الأنصاري ” جزء 2″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
زيد بن ثابت الأنصاري ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثانى مع زيد بن ثابت الأنصاري، فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له” ثم طلب إليه النبي صلى الله عليه وسلم، أن يتعلم السريانية، فتعلمها في سبعة عشر يوما، وكان يتابع وحي القرآن حفظا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كل مانزل الوحي عليه، بعث إلى زيد فكتبه، وهكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عنه ” أفرض أمتي زيد بن ثابت ” وقد روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عنه أبو هريرة، وابن عباس، وقرأ عليه، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد، وأبو أمامة بن سهل، وعبد الله بن يزيد الخطمي، ومروان بن الحكم، وسعيد بن المسيب، وقبيصة بن ذؤيب وابناه، الفقيه خارجة.
وسليمان، وأبان بن عثمان، وعطاء بن يسار وأخوه سليمان بن يسار، وعبيد بن السباق، والقاسم بن محمد، وعروة، وحجر المدري، وطاووس، وبسر بن سعيد، وخلق كثير، وتلا عليه ابن عباس، وأبو عبد الرحمن السلمي، وغير واحد، وكان من حملة الحجة، وكان عمر بن الخطاب يستخلفه إذا حج على المدينة، فهو الفقيه والمفوه وأكثر الصحابة علما بالفرائض، زهد الدنيا وتفرغ للقضاء وجمع القرآن، إضافة إلى مشاركته فى العديد من الغزوات التى شهدهها مع رسول ألله صلى الله عليه وسلم، ولقبوه بالقاضى الزاهد لشدة ورعه والتزامه بتطبيق العدل، وحرصه على جمع القرأن الكريم بحرص شديد، وبعد مجيء الإسلام، وبعد أن مكن الله لهذا الدين، كان لازما وحتما أن يكون لهذا الدين.
نظام اجتماعى عادل يحتكم إليه المجتمع، ويحتمى به من بطش الظالمين والمعتدين، فكان ثمرة الإسلام هو أن غلغل العدل فى نفوسهم فأظهروه فى أحكامهم، وفقهوا واقع الناس وملابسات الحوادث فأسهموا فى إعادة الحقوق إلى أصحابها فى أقرب وقت، فهم نماذج مضيئة لقضاة اليوم من أبناء الإسلام فى أى مكان، وعليهم الأخذ بسننهم والاقتداء بأحكامهم، ليتحقق العدل على أيديهم، ويسود الأمن والأمان للناس فى وجودهم، وتسعد الدنيا بهم، فكان من بين هؤلاء الصحابة الكرام هو الصحابى الجليل والقاضى العادل زيد بن ثابت، الذى ولاه أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب أمر القضاء، ويقول عنه الإمام ابن الجوزي في كتابه صفة الصفوة، هو زيد بن ثابت بن الضحاك أبو سعيد وقيل أبو خارجة.
وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة وأجيز في الخندق وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أمره الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يجمع القرآن الكريم، وأمره الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يكمل مهمته فكتب المصحف وكان أبي بن كعب يملى عليه، رضى الله عنهما، ولقد أحسن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، حينما ولى زيدا على القضاء فإنه ذكر ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم “أرحم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عز وجل عمر وأصدقها حياء عثمان وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت” ولقد كان القاضى زيد بن ثابت صاحب شخصية مؤمنة تنمو نموا سريعا وباهرا، فهو لم يبرع كمجاهد فحسب.
بل كمثقف متنوع المزايا أيضا، فهو يتابع القرآن حفظا، ويكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتفوق في العلم والحكمة، وحين يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي كله، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، فكان صلى الله عليه وسلم، يأمر زيدا بأن يتعلم بعض لغاتهم فيتعلمها في وقت وجيز، وكان من أشهر القضايا التى حكم فيها الصحابى الجليل زيد بن ثابت، أنه جاء أبي، وقد ادعى على عمر بن الخطاب دعوى، فلم يعرفها، فجعلا بينهما زيد بن ثابت، فأتياه في منزله، فلما دخلا عليه قال له عمر بن الخطاب، جئناك لتقضي بيننا، وفي بيته يؤتى الحكم، قال فتنحى له زيد عن صدر فراشه، فقال ها هنا يا أمير المؤمنين، فقال جرت يا زيد في أول قضائك.