حياة الخضر عليه السلام ” جزء 12″

الدكرورى يكتب عن حياة الخضر عليه السلام ” جزء 12″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

حياة الخضر عليه السلام ” جزء 12″

ونكمل الجزء الثانى عشر مع حياة الخضر عليه السلام، فالعلماء قد اختلفوا في ذلك، ولعل الأظهر أنه نبي، كما يبدو من الآية الكريمة التي تلوناها من سورة الكهف ” وما فعلته عن أمرى” فهي دليل على أنه فعل ذلك عن أمر الله تعالى، ومن وحيه سبحانه وتعالى، لا من عند نفسه، فالأرجح أنه نبي وليس مجرد ولي، ويوجد للخضر عدة مقامات بإسمه منها جامع الخضر الموجود في منطقة الكرنتينا على طرف بيروت، وهو آخر جامع على حدود المدينة، وكان هذا الجامع في الأصل كنيسة بإسم مار جرجس، حولها علي باشا إلى مسجد بإسم مسجد الخضر، وفي بغداد بني مقام مسجد الخضر على ضفاف نهر دجلة في جانب الكرخ، ويعتبر الخضر عليه السلام مقدسا لدى العديد من الديانات مثل المسيحية ويقول المسيحيون أن مار جرجس هو نفسه الخضر.

والرواية المسيحية هي أن تنين كان يخرج على سكان بيروت ويرعبهم، ويقتل ويأكل سكان المدينة، بعد أن طالت القصة إتفق أهل المدينة على تقديم فتاة جميلة للتنين كل عام عن طريق القرعة، فداء عن أهل المدينة، وفي سنة من السنين وقعت القرعة على ابنة حاكم المدينة فأخذ الفتاة إلى مكان الموعد، وكانت الفتاة مؤمنة فتوسلت بالدعاء إلى الله، فتصور لها مار جرجس وهو يركب حصانا وفي يده حربة، وعندما خرج التنين برأسه من البحر، وذهب ليبتلع الفتاة، باغته مار جرجس فطعنه بحربته المسننة، فمات في الحال، فشيد والد الصبية كنيسة في الموضع الذي قتل فيه التنين، ويقول المسيحيين بأن مار جرجس قتل بعد أن أعتنق الدين المسيحي، في عهد الملك الروماني دقلديانوس، ويعيد المسيحيون كل عام بعيد مار جرجس، وأيضا فى القصة اليهودية.

فهى تشابه القصة الإسلامية ولكن باختلاف أسماء الشخصيات وهما يوشع بن لاوي وإلياس وتختلف عدة أمور عن قصة موسى والخضر، وتبدأ القصة بطلب يوشع من الله أن يلقى بإلياس فيستجيب الله دعاءه، وعندما التقى يوشع بإلياس يطلب منه أن يطلعه على بعض الأسرار فيرد عليه ” إنك لا طاقة لك على تحمّل ذلك” فيلح أن يرافقه في سفره إلى أن وافق إلياس بشرط وهو أن لا يسأله عن أي شيء يراه، وإذا سأله فإن إلياس حر في تركه، وفي الديانه الدرزية، فإن الخضر عليه السلام هو نبي مبجل أيضا لدى الموحدون الدروز، ومشابه كثيرا للرواية الإسلامية، وقيل إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء، وإن الخضر عليه السلام قد ورد ما يدل على أنه كان من بني إسرائيل في زمان فرعون أيضا.

فقال أبو زرعة في “دلائل النبوة” حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي، حدثنا الوليد، حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه ليله أسري به وجد رائحة طيبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة؟ ” فقال جبريل عليه السلام “هذه ريح قبر الماشطة وابنتها وزوجها” وقال وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل، وكان ممره براهب في صومعته، فتطلع عليه الراهب فعلمه الإسلام، فلما بلغ الخضر زوجه أبوه امرأة فعلمها الإسلام، وأخذ عليها أن لا تعلم أحدا وكان لا يقرب النساء، ثم طلقها ثم زوجه أبوه بأخرى فعلمها الإسلام، وأخذ عليها أن لا تعلم أحدا، ثم طلقها، فكتمت إحداهما وأفشت عليه الأخرى.

فانطلق هاربا حتى أتى جزيرة في البحر فأقبل رجلان يحتطبان، فرأياه فكتم أحدهما وأفشى عليه الآخر، قال قد رأيت العزقيل ومن رآه معك، قال فلان فسئل فكتم، وكان من دينهم أنه من كذب قتل، فقتل وكان قد تزوج الكاتم المرأة الكاتمة، قال فبينما هي تمشط بنت فرعون إذ سقط المشط من يدها، فقالت نعس فرعون فأخبرت أباها وكان للمرأة ابنان وزوج، فأرسل إليهم فراود المرأة وزوجها أن يرجعا عن دينهما فأبيا، فقال إني قاتلكما فقالا إحسان منك إلينا إن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد فجعلهما في قبر واحد، فقال وما وجدت ريحا أطيب منهما وقد دخلت الجنة، وقد تقدمت قصة مائلة بنت فرعون وهذا المشط في أمر الخضر قد يكون مدرجا من كلام أبي بن كعب، أو عبد الله بن عباس، والله أعلم، وقيل إنما سمي الخضر لأنه كان إذا صلى اخضر ما حوله.