الدكرورى يكتب عن حياة الخضر عليه السلام ” جزء 13″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
حياة الخضر عليه السلام ” جزء 13″
ونكمل الجزء الثالث عشر مع حياة الخضر عليه السلام، وقيل أن نبى الله موسى ويوشع بن نون عليهما السلام لما رجعا يقصان الأثر وجداه على طنفسة خضراء على كبد البحر، وهو مسجى بثوب، قد جعل طرفاه من تحت رأسه وقدميه، فسلم عليه السلام، فكشف عن وجهه فرد وقال أني بأرضك السلام؟ من أنت؟ قال أنا موسى، فقال الخضر له موسى نبي بني إسرائيل؟ فقال نعم، فكان من أمرهما ما قصه الله في كتابه عنهما، وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني، حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي، حدثنا محمد بن الفضل بن عمران الكندي، حدثنا بقية بن الوليد، عن محمد بن زياد، عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لأصحابه” ألا أحدثكم عن الخضر؟
قالوا بلى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم “بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب، فقال تصدق عليّ بارك الله فيك، فقال الخضر، آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون، ما عندي من شيء أعطيكه، فقال المسكين أسألك بوجه الله لما تصدقت علي، فإني نظرت إلى السماء في وجهك ورجوت البركة عندك، فقال الخضر آمنت بالله ما عندي من شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني، فقال المسكين وهل يستقيم هذا؟ قال نعم الحق أقول لك، لقد سألتني بأمر عظيم، أما أني لا أخيبك بوجه ربي بعني، قال فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم، فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شيء، فقال له إنك ابتعتني التماس خير عندي، فأوصني بعمل، قال أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ضعيف، قال ليس يشق علي، قال فانقل هذه الحجارة.
وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم، فخرج الرجل لبعض حاجاته ثم انصرف، وقد نقل الحجارة في ساعة، فقال له أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه، ثم عرض للرجل سفر، فقال إني أحسبك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة، فقال فأوصني بعمل، قال له إني أكره أن أشق عليك، فقال الخضر له ليس تشق علي، فقال له الرجل فاضرب من اللبن لبيتي، حتى أقدم عليك، فمضى الرجل لسفره فرجع، وقد شيد بناؤه فقال أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك؟ فقال له الخضر عليه السلام سألتني بوجه الله، والسؤال بوجه الله أوقعني في العبودية، سأخبرك من أنا، أنا الخضر الذي سمعت به، سألني مسكين صدقة، فلم يكن عندي من شيء أعطيه، فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي، فباعني وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو بقدر.
وقف يوم القيامة جلده لا لحم له ولا عظم، يتقعقع، فقال الرجل آمنت بالله، شققت عليك يا نبي الله، ولم أعلم، فقال الخضر عليه السلام، لا بأس أحسنت وأبقيت، فقال الرجل بأبي وأمي يا نبي الله، احكم في أهلي ومالي بما أراك الله، أو أخيرك فأخلي سبيلك، فقال له الخضر أحب أن تخلي سبيلي فأعبد ربي، فخلى سبيله، فقال الخضر، الحمد لله الذي أوقعني في العبودية، ثم نجاني منها” ولكن قيل أن هذا حديث رفعه خطأ، والأشبه أن يكون موقوفا وفي رجاله من لا يعرف، فالله أعلم، وقد رواه ابن الجوزي في كتابه “عجالة المنتظر في شرح حال الخضر” من طريق عبدالوهاب بن الضحاك وهو متروك، عن بقية، وقد روى الحافظ ابن عساكر بإسناده إلى السدي أن الخضر وإلياس عليهما السلام كانا أخوين، وكان أبوهما ملكا.
فقال إلياس لأبيه إن أخي الخضر لا رغبة له في الملك، فلو أنك زوجته لعله يجيء منه ولد، يكون الملك له، فزوجه أبوه بامرأة حسناء بكر، فقال لها الخضر إنه لا حاجة لي في النساء فإن شئت أطلقت سراحك، وإن شئت أقمت معي تعبدين الله عز وجل وتكتمين علي سري؟ فقالت نعم، وأقامت معه سنة، فلما مضت السنة دعاها الملك فقال إنك شابة وابني شاب، فأين الولد؟ فقالت إنما الولد من عند الله، إن شاء كان، وإن لم يشأ لم يكن، فأمره أبوه فطلقها وزوجه بأخرى ثيبا قد ولد لها، فلما زفت إليه قال لها كما قال للتي قبلها، فأجابت إلى الإقامة عنده، فلما مضت السنة سألها الملك عن الولد فقالت إن ابنك لا حاجة له بالنساء، فتطلبه أبوه فهرب، فأرسل وراءه فلم يقدروا عليه، فيقال إنه قتل المرأة الثانية لكونها أفشت سره، فهرب من أجل ذلك، وأطلق سراح الأخرى.