الشعراوي و رويبضة هذا الزمان

الشعراوي و رويبضة هذا الزمان

بقلم : د. احمد ممدوح”احمد عمارة”

الشعراوي و رويبضة هذا الزمان

من وقت لاخر يتردد اسم فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، ولكن مؤخرا هناك حملة شرسة تبنتها وسائل إعلام مصرية ومثقفون وإعلاميون ضد الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي، جعلتنا نهتم ونعرف من لا يعرف من هو فيضلة الشيخ محمد متولي الشعراوي.

 

فالشعراوي : هو عالم دين ووزير أوقاف مصري سابق. يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث؛ حيث عمل على تفسير القرآن الكريم بطرق مبسطة وعامية مما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، لقبه البعض بإمام الدعاة.

 

ولد محمد متولي الشعراوي في ١٥ أبريل عام ١٩١١م، بقرية دقادوس  مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. في عام ١٩٢٢م،  التحق بمعهد الزقازيق الإبتدائي الأزهري، وأظهر نبوغًا منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة ١٩٢٣م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد إهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق.

 

التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة ١٩٣٧م، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فحركة مقاومة المحتلين الإنجليز سنة ١٩١٩م، اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملاءه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقي بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة ١٩٣٤م.

 

تخرج عام ١٩٤٠م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام ١٩٤٣م. بعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم إنتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية وبعد فترة طويلة إنتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام ١٩٥٠م، ليعمل أستاذًا للشريعة في جامعة أم القرى.

اضطر الشيخ الشعراوي أن يدرِّس مادة العقائد رغم تخصصه أصلًا في اللغة.

 

وفي عام ١٩٦٣م، حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود. وعلى أثر ذلك منع الرئيس جمال عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة ثانية إلى السعودية،وعين في القاهرة مديرًا لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون. ثم سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيسًا لبعثة الأزهر هناك ومكث بالجزائر حوالي سبع سنوات قضاها في التدريس وأثناء وجوده في الجزائر حدثت نكسة يونيو ١٩٦٧م.

 

وحين عاد الشيخ الشعراوي إلى القاهرة عين مديرًا لأوقاف محافظة الغربية فترة، ثم وكيلًا للدعوة والفكر، ثم وكيلًا للأزهر ثم عاد ثانية إلى السعودية، حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز.

 

وفي نوفمبر ١٩٧٦م، إختار السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر. فظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام ١٩٧٨م.

 

أُعتبر أول من أصدر قرارًا وزاريًا بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو بنك فيصل حيث أن هذا من إختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية (د. حامد السايح في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك. وفي سنة ١٩٨٧م، أُختير عضوًا بمجمع اللغة العربية (مجمع الخالدين).

 

ويقول الشيخ الشعراوي : “عندما ذهبت إلى الجزائر، بعد الاستقلال، رئيسًا لبعثة التعريب الأزهرية، كان هواري بومدين قد انتهى من بناء «سد غرين» وذهب لافتتاحه، وحضرنا الاحتفال، ووقف الرئيس بومدين يخطب ويقول: «الحمد لله… عملنا «سد غرين»، وهذا السد سيحجز كذا متر مكعب من المياه، وبذلك يمكنكم أن تقوموا بري زراعاتكم سواء أمطرت السماء أم لم تمطر”

 

وقال الشعراوي : “لم تعجبني عبارة «سواء أمطرت السماء أم لم تمطر»، فقلت لبوتفليقة وزير الخارجية في حينه: قل للرئيس إن هذا الكلام خطأ، ليس فقط من الناحية العقائدية إذ يلغي المشيئة، بل أيضًا من الناحية العلمية لأنه إذا لم تمطر السماء فلن يوجد ماء ليحجزه السد. وذهب بوتفليقة وأبلغ الكلام للرئيس، وشاء الله بعد أسابيع أن يحصل جفاف، قلّما حصل مثله”. فاجتمع الرئيس بومدين بالعلماء، من بينهم الشيخ الشعراوي والشيخ بلقايد وجاء المقترح من قِبل العالمين الجليلين بضرورة أداء صلاة الاستسقاء، سائلين المولى عز وجل باجتياز المحنة التي تعيشها الجزائر من جفاف عصيب.

وجاء يوم صلاة الاستسقاء وجلسنا في الجامع الكبير ننتظر حضور بومدين، فدخل الرئيس المسجد وقبل أن يهم بالجلوس قلت لوزير الأوقاف: قل للرئيس أن يصلي ركعتين تحية للمسجد، وأضفت: إحنا جايين هنا نشحت من ربنا ونقول: يارب، نفزع إليك. وذهب الوزير للرئيس وأبلغه الرسالة، فوقف وصلّى ركعتين، ثم صلّينا صلاة الاستسقاء وجلسنا ساكتين وطالت الجلسة وطال السكوت، فقلت لأحد المشايخ الجالسين إلى جانبي: إحنا قاعدين كده ليه دلوقت؟ مش تقوموا تروحوا؟ فقال: أسكت! قلت له: فيه أيه؟ قال: أنت موش داري؟ الدنيا بتمطر، فقلت: صحيح؟ قال: أيوه، وراحوا علشان يجيبوا مظلة لكي يخرج بها الرئيس بومدين، فقلت: الحمدلله الحمدلله، لن أخرج من هنا إلا بعد صلاة المغرب… الحمدلله ربنا سترها معانا. هكذا يستجيب الله سبحانه وتعالى لدعاء ورجاء الناس الصالحين.

 

و عقب هذا الحدث، إسترد عدد كبير من اللادينيين إيمانهم حينما شاهدوا بالواقع الملموس إستجابة الله عز وجل للدعاء، عند خروجه من القلب مجردًا وصادقًا.

 

وقال الشيخ عبد الرحيم الشعراوي في لقاء تليفزيوني له عن قصة وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوي: «والدي كان يكره المستشفيات والذهاب إليها، إلا أنه قبل وفاته بحوالي ١٨ يوما رفض الطعام والشراب والدواء، وحتى الرد على الهاتف المحمول، وانفصل تماما عن العالم الخارجي، واكتفى فقط بتواجدنا وتواجد أحفاده حوله».

 

وأكد نجل الشيخ الشعراوي: «والدي قبل وفاته بيومين، طلب مني أن أجهز  لجنازته، وعندما رأى والدي في عيني الدموع قال لي: نعم؟.. من أولها؟.. قد المسؤولية ولا مش قد المسؤولية.. ربنا هيعينك إن شاء الله.. أنا عارف إن أنت اللي هتتحمل ومتتفاجئش وتبقى رابط الجأش».

 

وتابع: «مع بدء الساعات الأولى لليوم الذي توفي والدي فيه قال إنه اليوم الذي سيقابل فيه ربه، وطلب مني تقليم أظافره والاستحمام وأن يلبس ملابس جديدة تماما، وطلب منا أن نتركه، وقال لنا عاوز أقعد مع ربنا شوية».

 

وأوضح نجل الشيخ الشعراوي، بعد شوية دخلت على والدي: «بص والدي لفوق وقعد يقول أهلًا سيدي أحمد.. أهلا سيدي إبراهيم.. أهلًا السيدة زينب.. أهلا والله أنا جايلكم.. أنا استاهل كل ده؟.. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك محمدًا رسول الله وطلع السر الإلهي».

 

و كان لابد ان نسرد قصة حياة العالم الجليل وامام الدعاة فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي؛ ليعلم القاصي والداني والاجيال الحالية قدر هذا العالم الجليل، ومدي قربه من الله عزل وجل، ورادا علي رويبضة هذا الزمان، فان الجهلاء هم من يتكلمون عن الدين وعلماؤه، وفي هذا السياق يحضرنا حديث :

 

أبوهريرة، قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة))، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة”.

 

ولقد تقدمت البرلمانية فريدة الشوباشي بطلب إحاطة في مجلس النواب ضد مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء والدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، متسائلة “كيف يقوم المسرح القومي التابع لوزارة الثقافة بإنتاج مسرحية عن الشيخ الشعراوي الذي سجد لله شكراً على هزيمة ٦٧ وقال بثقة إنه فرح لهزيمة مصر؟”.

 

و تابعت “كيف يمكن توطيد شعور الانتماء الوطني لمشاهدي هذه المسرحية خاصة أن الشعراوي حرم الفن وأموال الفن إضافة إلى تحريضه على عدم وضع النقود في البنوك، لأن “فوائد البنوك حرام”.

 

وعقب ذلك شن الإعلامي إبراهيم عيسى هجوماً أيضاً في برنامجه على فضائية “القاهرة والناس” وعرض فيديوهات للشيخ الشعراوي عن رأيه في المرأة وضرب الزوجات وعمل المرأة.

 

و هاجم الإعلامي إبراهيم عيسي خلال إذاعة حلقة من برنامج “حديث القاهرة” الراحل الشيخ متولي تعليقاً على ما أثير حول عمل أمسيات في رمضان أو عرض مسرحي يتناول شخصيات دينية ضمنهم الشيخ الشعراوي. واصفًا الشعراوي قائلا: ليس وسطيا كما يراه الناس، لكنه شيخ متطرف سلفي الفكر، وأضاف الكاتب ابراهيم عيسى خلال تعليقه أن الشيخ يهين المرأة ويضع نفسه في مكانة أعلى منها، كأي شخص ريفي عجوز، حيث كان يطالب بضرب النساء، ولم يتبع معايير الفكر والنقد خلال حديثه عنها، موضحاً أن هذا الفكر هو نفسه الذي يتبعه المفهوم السلفي اتجاه النساء، وهو فكر سلفي متعصب ينتقص من مكانة المرأة.

 

قال ابراهيم عيسى الكاتب الصحفي ان شعبية الشيخ متولي انتشرت بسبب لغته العامية أثناء خطابه، وأداءه الذي وصفه بأنه تمثيلي، أن يكون العمل بعيداً عن رعاية وزارة الثقافة المصرية.

 

وعلق الناقد طارق الشناوي مهاجماً الشيخ متولي الشعراوي حيث قال: للراحل نفس أفكار التطرف التي صدّرها مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا.

 

ومع تصاعد الأزمة حيث إبراهيم عيسى يهاجم الشعراوي بالإضافة إلى هجوم الناقد طارق الشناوي وآخرين فقد تم تكليف المحامي الشهير سمير صبري من قِبل أسرة الشيخ رحمه الله برفع دعوى أما القضاء، وقد تقدم المحامي ببلاغ إلى النائب العام، وحسب التصريحات تم رفع دعوى قضائية ضد كل من ماجدة خير الله الناقدة، بجانب دعوى وبلاغ آخر ضد طارق الشناوي أيضاً.