نبى الله هارون علية السلام ” جزء 3″

الدكرورى يكتب عن نبى الله هارون علية السلام ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبى الله هارون علية السلام ” جزء 3″

ونكمل الجزء الثالث مع نبى الله هارون علية السلام، قال كما جاء فى سورة طه ” يا ابن أم لا تأخذ بلحيتى ولا برأسى ” وقد جمع الله تعالى لهارون عليه السلام بين الكثير من أعظم الصفات الدينية والأخلاقية، وكان قلب هارون عليه السلام رؤوفا رحيما رؤوما مشفقا، وقد تميز بالرفق، وكان يتحلى بالحكمة والصبر، ولذلك حاول أن يجمع ما تبقى من بني إسرائيل في قصة العجل رغم اضطهادهم له، وكما أنه تحلى بالشجاعة في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع أولئك الفراعنة، وقد قيل إن هارون عليه السلام كان أكبر من موسى عليه السلام بسنة، وقيل بثلاث، وهو في الخبرة ببني القبط وقوم فرعون يفوق موسى عليه السلام من جهة أنه كان قبله في مخالطتهم وأكثر منه في مدة المكث معهم ومعايشتهم، وهذه الخبرة مهمة في الدعوة لهؤلاء القوم.

وقد جمع الله تعالى لهارون عليه السلام بين الصفات الدينية والأخلاقية، فكان صادقا، أمينا، تقيا، صالحا، هيّنا، ليّنا، سهلا، مطيعا لأخيه موسى عليه السلام، ويندر أن تجد أخا أكبر يلين مع أخيه الأصغر ويطيعه، فموسى هو الأمير وهارون هو الوزير، فهو وإن كان أكبر من موسى لكنه يسلم له في القياد، وقد بلغ من منزلة هارون عليه السلام أن نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لما لقيه ليلة المعراج في السماء الخامسة قال له ” مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح” وقد أثبت الله تعالى أثر هارون في الدعوة إليه فقال تعالى عن السحرة كما جاء فى سورة طه ” فألقى السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى ” وهذا يدل على جهده، وقد تفاوت صفات الأنبياء ومقاماتهم، فلا شك أن نبى الله موسى عليه السلام أفضل وأعلى.

حيث قال الله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” تلك الرسل فضلنا بعضهن على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ” ونبى الله موسى عليه السلام هو كليم الله، وقد كان موسى صاحب شجاعة وبأس وشدة، وكان هارون ذا حلم ورفق هائبا لموسى مسلسا القيادة له، وهذا المزيج من قوة موسى وحلم هارون ورفقه كان ضروريا جدا في قيادة بني إسرائيل، ولقد كان بنو إسرائيل على دين النبي يوسف عليه السلام إلا أنهم أحدثوا وبدلوا ما لا يتوافق مع التوحيد، وأقرب ما يكون للضلالة وللهوى، فلم يبق معهم من دين ذرية إسحاق عليه السلام إلا الاسم، أما المصريون فكانت عبادتهم هي الاوثان، وقد جاء نبى الله موسى عليه السلام ليدعو فرعون وقومه للدين الحق وليعيد بني إسرائيل لدين آبائهم الحق.

وقد أحيط موسى عليه السلام بالرعاية الربانية ليكون رسولا للمصريين والإسرائيليين، وقد طلب موسى من ربه إرسال أخوه هارون معه بم تميز هارون عليه السلام؟ وكان بعودة موسى عليه السلام من مدين، أنزل عليه عليه الوحي في طور سيناء، آمرا له بالذهاب لفرعون ليدعوه لدعوة التوحيد، وللطلب من فرعون بأن يدع بني إسرائيل وشأنهم، ليعيدهم لبيت المقدس، إن الأمر ثقيل، والمهمة شاقة، تحتاج إلى قوة وثقة وإيمان ويقين، فأمده الله تعالى ببعض المعجزات التي تمكنه من القيام بدعوته، فطلب من الله تعالى أن يرسل معه أخاه هارون معه، ليساعده فيما كلف به، وذلك لما تميز به هارون عليه السلام من صفات، حيث قال تعالى على لسان موسى” وأخى هارون هو أفصح منى لسانا فأرسله معى ردءا يصدقنى إنى أخاف أن يكذبون ”

وقد استجاب الله تعالى لطلب موسى عليه السلام بأن يجعله معه ليشد أزره ووزيرا له يعينه في دعوة قوة طاغية في ذلك الوقت، وبدء النبيان في دعوتهما لفرعون وقومهم، فلقيا من الشدة والعناء والاستنكار منهم ما لقوا، فقابلا كل ذلك بصبروثبات، لثقتهما بأن الله عون لهما في كل شدة، فذهب نبى الله موسى عليه السلام لملاقاة ربه، فاستخلف أخاه هارون مكانه، ليصلح حال الناس، ويدعوهم إلى الحق ويبعدهم عن الضلال، وذلك لما عرف عن هارون عليه السلام من الحكمة واللين والقوة وسداد الرأي، آمرا إياه كما ورد في الآية الكريمة، قال تعالى ” وقال موسى لأخيه هارون أخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ” وقد انتهز بنو إسرائيل فرصة مغيب النبي موسى عليه السلام لملاقاة ربه، فاستجابوا للسامري.