السيدة خديجة بنت خويلد ” جزء 6″

الدكرورى يكتب السيدة خديجة بنت خويلد ” جزء 6″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى 

السيدة خديجة بنت خويلد ” جزء 6″

ونكمل الجزء السادس مع السيدة خديجة بنت خويلد، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إنه صلى الله عليه وسلم لم يكد ينساها طيلة حياته وبعد وفاتها، إذ كان يكثر ذكرها ويتصدق عليها، فتروي السيدة عائشة رضي الله عنها، فتقول ما غِرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ما غرت على خديجة رضي الله عنها، وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم، يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة رضي الله عنها، فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول صلى الله عليه وسلم “إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد” وكانت للسيدة خديجة رضى الله عنها، منزلة خاصة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عاقلة، جليلة، دينه، مصونة، كريمة.

وهى من أهل الجنة، فقد أمر الله تعالى رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب، وحتى بعد وفاتها، وزواج رسول الله من غيرها من امهات المؤمنين، لم تستطع أي واحدة منهن أن تزحزح السيده خديجة رضى الله عنها، عن مكانتها في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعد أعوام من وفاتها، وبعد انتصار المسلمين في معركة بدر، وإثناء تلقى فدية الأسرى من قريش، فقد لمح رسول الله صلى الله عليه وسلم قلادة لخديجة بعثت بها ابنتها زينب، في فداء لزوجها الأسير أبى العاص بن الربيع، حتى رق قلب النبي صلى الله عليه وسلم، من شجو وشجن و لزوجته الأولى.

السيده خديجة رضى الله عنها، تلك الزوجة المخلصة الحنون، التي انفردت بقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ربع قرن من الزمان لم تشاركها فيه أخرى، فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم،من أتباعه أن يردوا على زينب قلادتها و يفكوا أسيرها، وقالت السيده عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة يوما من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت هل كانت إلا عجوزا فأبدلك الله خيرا منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال” لا والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس.

وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء “ً فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها ” يا رسول الله اعف عنى ولا تسمعني أذكر خديجة بعد هذا اليوم بشئ تكرهه ” وقبل ذلك لم تكن السيدة عائشة تكف عن الكلام عنها، وحتى في يوم فتح مكة وقد مضى على وفاة السيده خديجة رضى الله عنها، أكثر من عشر سنين حافلة بأجل الأحداث، أختار رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانا بجوار قبر السيدة خديجة أم المؤمنين الأولى، ليشرف منه على فتح مكة، وقد تاقت روح السيدة خديجة رضى الله عنها إلى بارئها، وكان ذلك قبل هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بثلاث سنوات.

ولها من العمر خمس وستون سنة، وأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه في حفرتها، وأدخلها القبر بيده صلى الله عليه وسلم ، وتشاء الأقدار أن يتزامن وقت وفاتها والعام الذي توفي فيه أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان أيضا يدفع عنه ويحميه بجانب السيدة خديجة رضي الله عنها، ومن ثمَّ فقد حزن الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك العام حزنا شديدا حتى سُمي هذا العام بعام الحزن، وحتى خُشي عليه صلى الله عليه وسلم، ومكث فترة بعدها بلا زواج.