الدكرورى يكتب عن نبي الله يعقوب علية السلام ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله يعقوب علية السلام ” جزء 1″
إن الأنبياء والرسل الكرام كلهم صادقون مرسلون من عند الله عز وجل، والمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد، ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء ولا يفرقون بين أحد منهم فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض بل الجميع عندهم صادقون راشدون وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله تعالى حتى نسخ الجميع بشرع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة البقرة ” كل آمن بالله وملائكته ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ” فلا فرق بين رسول الله تعالى والأنبياء والمرسلين من قبله في صدقهم ورسالتهم وبعثهم، وإنما الفرق من ثلاثة وجوه وهي أدلة ختم النبوة والرسالة فلا نبوة بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا رسالة.
فالأنبياء والرسل جاءوا لهداية البشرية في أطوارها المختلفة وذلك شبيه بأساتذة المراحل التعليمية فالجميع معلمون والكل يكمل بعضهم بعضا في تلبية حاجة العقل البشري بمراحله حتى انتهى الأمر ببعثة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جمع الكمالات الإنسانية والمنهج الكامل المحفوظ، فقال تعالى فى سورة فاطر ” وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ” ولو أوكل الله تعالى البشرية إلى عقولها لضلت، ولما كان الله سبحانه أرحم بعبيده من عبيده بأنفسهم اجتبى من البشر رسلا وأنبياء يبلغون وحي الله إلى الناس ويعطون الصورة العملية للالتزام فهم القدوة والمثل، وإن الإيمان بالأنبياء والرسل من أركان الإيمان، أي إن من جحد نبيا من الأنبياء، أو من كفر بنبى من الأنبياء، أو بهم جميعا، فهو ليس من أهل الإيمان، وإن الإيمان بالرسل يُشعر بالطمأنينة في القلب.
ويبعث على التوازن بين الدين والدنيا، ومآل ذلك خيرية الدارين، وصلاح الأمرين، أمر الدنيا، وأمر الآخرة، وفساد الإيمان بهم فساد للروح ولعنة للجسد، وإن الإيمان بالرسل ركن من أركان الإيمان فلا يصح إيمان عبد حتى يؤمن بجميع أنبياء الله ورسله فمن آمن ببعض وكفر ببعض فهو كافر بالله وبجميع رسله فقال تعالى ” إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا، والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما ” وإن من حقوق الرسل والأنبياء علينا بعد حق الإيمان بهم أن نحبهم في الله وأن نوقرهم ونجلهم ونعظمهم دون غلو في أحد منهم.
فلا يدعى لأحد منهم علم الغيب، ولا التصرف في شيء من الكون ولا تصرف لهم شيء من العبادة فلا يدعون ولا يستغاث بهم ولا تقرّب إليهم النذور لأن الله تعالى نهى أن يعبد معه أحد سواه ولو كان نبيا رسولا، ولقد اختار الله تعالى الأنبياء والمرسلين، وفضلهم على العالمين، وجعلهم أئمة هدى للعابدين، فقال عز وجل ” وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا” وذلك ليقتدي الناس بهم، ويهتدوا بسيرتهم، وقال سبحانه وتعالى ” أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده” ومن هؤلاء الأنبياء، والصفوة الأتقياء هو نبي الله يعقوب عليه السلام، الذي نشأ في بيت علم وحكمة، وتلقى فيه قبسات النبوة، فهو النبي ابن النبي ابن النبي، يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن، عليهم السلام أجمعين، ونبى الله يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم وهو أحد الأنبياء المذكورين في التوراة والقرآن.
وبحسب بعض الروايات والآيات القرآنية فإن يعقوب كان على دين جده الخليل إبراهيم عليهم السلام وكذلك كان أبناءه من بعده، وقد ذكرت الروايات التاريخية أنه ولد وعاش فترة من الزمن في أرض كنعان، ومن ثم ارتحل إلى أرض حرّان وتزوج هناك من ابنتي خاله، كان له كذلك جاريتان، وبعد مدة من الزمن عاد هو وأولاده ومن بقي من زوجاته إلى أرض كنعان، ثم ارتحل في آخر حياته إلى مصر، وعاش هناك حتى وفاته، وكانت وصيته أن يُدفن عند والده إسحاق وجدّه إبراهيم عليهم السلام في أرض كنعان، وقد أثنى الله تعالى عليهم في القرآن الكريم، فقال عز وجل ” واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار، إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار، وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار”