الدكروى يكتب عن الرسول في غزوة بنى قينقاع “جزء 2”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة بنى قينقاع “جزء 2”
ونكمل الجزء الثاني مع الرسول في غزوة بنى قينقاع، وحينما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة عاهدهم على أن للمسلمين دينهم ونفقتهم ولليهود دينهم ونفقتهم وعلى النصرة على من حاربهم وعلى من يدهم يثرب، وقد جاءت امرأة من العرب إلى أحد صاغتهم فراودوها فأبت فقام الصائغ بربط ثوبها بالكرسي وهي غافلة فلما نهضت كشف عن عورتها، فصاحت وولولت فوثب رجل من العرب فقتل الصائغ ثم شدت اليهود على العربي المسلم فقتلوه فاستصرخ أهل القتيل بالعرب المسلمين، فحاصر المسلمون حصنهم بقيادة النبى صلى الله عليه وسلم، فتدخل عبد الله بن أبي بن سلول حيث أنهم من حلفائه وطالب الرسول صلى الله عليه وسلم، بتركهم، فتركهم له، لكن الرعب سيطر على الكثير منهم، فخرجوا للشام وخيبر.
وعاش اليهود في عزلة عن أهل المدينة، وأطلقوا سيل المؤامرات والدسائس كمحاولة منهم للقضاء على الدولة الإسلامية، وقد حاول الرسول صلى الله عليه وسلم، التفاهم معهم فجمعهم في سوقهم ونصحهم وذكرهم بمصير قريش في بدر، فردوا عليه “يا محمد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا، ويعنون قلة خبرتهم في الحروب، لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا” وأما عن عبد الله بن أبى بن سلول، فعن أنس رضي الله عنه قال بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأتاه فقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام يأكله أهل الجنة ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ومن أي شيء ينزع إلى أخواله ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم “خبرني بهن آنفا جبريل” قال فقال عبد الله ذاك عدو اليهود من الملائكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها ” قال أشهد أنك رسول الله ثم قال يا رسول الله إن اليهود قوم بهت إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أي رجل فيكم عبد الله بن سلام” قالوا أعلمنا وابن أعلمنا وأخيرنا وابن أخيرنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” أفرأيتم إن أسلم عبد الله ” قالوا أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله إليهم،
فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقالوا شرنا وابن شرنا ووقعوا فيه ” رواه البخاري، وكانت أول الجماعات اليهودية إعلانا لهذه العداوة بنو قينقاع الذين كانوا يسكنون أطراف المدينة، ولم يتوقفوا لحظة عن إحداث الشقاق وإثارة المشكلات بين صفوف المسلمين، وكانوا مصدر إيحاء وتوجيه للمنافقين، وتأييد وتشجيع للمشركين، وكانت غزوة بني قينقاع من المعارك التي خاضها المسلمون ضد يهود المدينة، بعد نقضهم لعهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد تحدى اليهود المسلمين في المدينة وأظهروا العداوة لهم، وذلك بعد أن شاهدوا انتصار المسلمين على قريش في بدر، وكان السبب الحقيقي لحصار بني قينقاع، هو أن امرأة من المسلمين قصدت أحد الصاغة اليهود، فاحتال عليها اليهود في السوق.
لتكشف عن وجهها فأبت ذلك، فعقد أحد اليهود ثيابها من ظهرها حتى إذا قامت انكشفت عورتها، فضحك اليهود لذلك، وانتصر لها أحد المسلمين الذين كانوا في السوق، وقتل اليهودي الذي فعل بها ذلك، فغضبت اليهود لذلك فقتلت المسلم، وحين علم النبي صلى الله عليه وسلم، بالخبر حاصر اليهود في حصونهم خمسة عشر ليلة، حتى استسلموا ونزلوا لحُكمه، وتشفعه عبد الله بن أبي بن سلول، وألح عليه في ذلك بزعم أنهم مواليه، فتركهم النبي صلى الله عليه وسلم،حين رأى إلحاحه في ذلك، وأجلاهم إلى منطقة أذرعات من أرض الشام، واستولى المسلمون على أموالهم، ولم تكن عندهم أراض، لأنهم كانوا مجرد صاغة في أسواق المدينة، وكان في داخل المدينة المنورة ثلاث قبائل لليهود، وهم قبيلة بني قينقاع، وقبيلة بني النضير، وقبيلة بني قريظة.