الرسول في غزوة سفوان “جزء 2”

الدكروى يكتب عن الرسول في غزوة سفوان “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الرسول في غزوة سفوان “جزء 2”

ونكمل الجزء الثاني مع الرسول في غزوة سفوان، وزيد بن حارثة هو صحابي وقائد عسكري مسلم، وكان مولى للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، قد تبناه قبل بعثته، وهو أول الموالي إسلاما، وهو من السابقين الأولين للإسلام، وهو الوحيد من بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ذكر اسمه في القرآن الكريم، وقد شهد زيد العديد من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وكما بعثه النبى صلى الله عليه وسلم، قائدا على عدد من السرايا، واستشهد زيد في غزوة مؤتة وهو قائد جيش المسلمين أمام جيش من البيزنطيين والغساسنة يفوق المسلمين عددا، وولد زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب، قبل الهجرة النبوية بسبعة وأربعين سنة، وقيل بثلاثة وأربعين سنة في ديار قومه بني كلب أحد بطون قضاعة.

أما أمه فهي سُعدى بنت ثعلبة بن عبد عامر بن أفلت من بني معن من طيئ، وقد تعرض زيد للأسر وهو غلام صغير حيث اختطفته خيل بني القين بن جسر قبل الإسلام، حين أغارت على ديار بني معن أهل أمه وكان معها في زيارة لأهلها، فباعوه في سوق عكاظ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد بأربعمائة درهم، فلما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وهبته له، ثم مر زمن، وحج أناس من قبيلته كلب، فرأوه فعرفهم وعرفوه، ثم عادوا وأخبروا أباه بمكانه، فخرج أبوه حارثة وعمه كعب يفتدونه، والتقوا النبي صلى الله عليه وسلم، وطلبوا فدائه، فدعاهما إلى تخيير زيد نفسه إن شاء بقي، وإن شاء عاد مع أهله دون مقابل، ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له ” فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما ”

فقال زيد ” ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني بمكان الأب والأم ” فتعجب أبوه وعمه وقالا له ” ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟ فقال لهم ” نعم ” إني قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي اختار عليه أحدا أبدا ” فلما رأي النبي صلى الله عليه وسلم، منه ذلك، خرج به إلى الحِجر، وقال ” يا من حضر اشهدوا أن زيدا ابني أرثه ويرثني ” فلما رأى ذلك أبوه وعمه اطمأنا وانصرفا، فصار زيد يُدعي زيد بن محمد، وقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم وادي سفوان، وقد فاته كرز فلم يلحقه، فرجع للمدينة، ولم تحدث خسائر ولا قتال، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصمت أمام انتهاك حقوق المسلمين، ولم يكن يأبه بحذر المشركين وفوات الفرصة لاقتناص قوافلهم.

فالجهاد مستمر وعدم حدوث القتال لا يعني عدم اغتنام مكاسب تضاف لرصيد الرعب بنفوس أعداء المسلمين، وكان يشارك بنفسه بكثير من تلك المغازي، وقد ربى الصحابة الكرام لتحمل مسئوليات قيادة المدينة خلال خروجه، وتحمل مشاق القتال معه، وقد مهدت تلك الأحداث للغزوات الكبرى لاحقا، وغزوة سفوان، ويطلق عليها اسم غزوة بدر الأولى، وحين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة العشيرة لم يقم بالمدينة الا ليالى لم تبلغ العشرة حتى غزا وخرج خلف كرز بن جابر الفهري، وكرز بن جابر الفهري، هو صحابي جليل، وقد أسلم بعد الهجرة النبوية الشريفه، وقد قال ابن إسحاق أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه، حتى بلغ واديا يقال له سفوان ففاته كرز.

وكانت هذه غزوة بدر الأولى، ثم أسلم كرز وحسن إسلامه، وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيش الذين بعثهم في أثر العرنيين الذين قتلوا راعيه في سرية كرز بن جابر الفهري، واستشهد كرز يوم فتح مكة وذلك سنة ثمان من الهجرة، وقال ابن سعد ثم سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين في شوال سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا، قدم نفر من عرينة ثمانية على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا واستوبأوا المدينة، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى لقاحه وكانت ترعى بذي الجدر ناحية قباء قريبا من عير، على ستة أميال من المدينة، فكانوا فيها حتى صحوا وسمنوا فغدوا على اللقاح فاستاقوها فيدركهم يسار مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه نفر فقاتلهم فقطعوا يده ورجله، وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات.