الدكرورى يكتب عن نبي الله داود عليه السلام ” جزء 13″
بقلم / محمـــد الدكـــــرورى
نبي الله داود عليه السلام ” جزء 13″
ونكمل الجزء الثالث عشر مع نبي الله داود عليه السلام، وقد كان في حكمه لبني إسرائيل مثالا في العدل والأمانة، وكان عليه السلام إلى جانب قيادته وحكمه لشعبه قاضيا يحكم بالحق ولا يظلم الناس شيئا، فقد ذكر الله تعالى في كتابه كيف دخل عليه يوما وهو يصلي في المحراب خصمان بغى بعضهما على بعض كي يحكم بينهما، كما آتى الله سبحانه نبيه داود الحكمة في الأمور، والرشد في القرارات، وقد كان خطيبا مفوها، واشتهر بالعبادة والزهد في متاع الدنيا، وقد أشار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن أفضل القيام والصيام هو صيام وقيام داود عليه السلام حينما كان في صيامه يصوم يوما ويفطر يوما، وفي قيامه كان ينام نصف الليل، ثم يقوم ثلثه، ثم ينام سدسه، وكان في الجانب المهني في حياته عليه السلام أنه اشتهر داود عليه السلام.
بأنه كان حدادا ماهرا في صنع ما ينتفع به المحاربون والناس عموما، فقد علمه الله تعالى صناعة الدروع القوية محكمة الصنع، وقد ابتكر عليه السلام طريقة جديدة في صنعها، حيث كان يقدر صناعتها بحيث لا تكون ثقيلة على كاهل المحارب، وليست بالمقابل بالخفيفة، فقد كانت دروعا سابغات متكاملة في صنعها، كما ذكر الله تعالى كيف منّ على عبده ونبيه داود عليه السلام حينما ألان له الحديد، وإلانة الحديد بلا شك تمكن الصانع من تحويره وتشكيله بالكيفية التي يريدها، والشكل الذي يريده وهذا فضل وتمكين من الله تعالى، ويذكر القرآن الكريم أن نبى الله داود عليه السلام كان في جيش طالوت، الذي يفهم على أن الأخير هو نفسه شاول، وكما هو الحال بالنسبة لجميع الأنبياء، فإنه لا يذكر القرآن الكريم نسب داود عليه السلام.
ولكن المؤرخين المسليمن نقلوا من المصادر التاريخية المختلفة أنساب بعض الأنبياء ويذكر ابن كثير أن نبى الله داود عليه السلام هو داود بن ايشا بن عويد بن عابر بن سلمون بن نحشون بن عويناذب بن إرم بن حصرون بن فارض بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عبد الله ونبيه وخليفته في أرض بيت المقدس، أما عند الطبري، فقيل باعز بدلا من عابر، وعمينادب بدل عويناذب، ورام بدل إرم، ويذكر بعض المؤرخين المسلمين ومنهم ابن إسحاق وذلك عن وهب بن منبه أن نبى الله داود عليه السلام كان قصيرا، أزرق العينين، قليل الشعر، طاهر القلب ونقيه، وقد تقدم أنه لما قتل جالوت وكان قتله له فيما ذكر ابن عساكر عند قصر أم حكيم بقرب مرج الصفر فأحبته بنو إسرائيل ومالوا إليه وإلى ملكه عليهم فكان من أمر طالوت ما كان.
وصار الملك إلى داود عليه السلام، وجمع الله له بين الملك والنبوة بين خيرى الدنيا والآخرة وكان الملك يكون في سبط والنبوة في آخر فاجتمع فى داود هذا، وقد ذكر ابن جرير في تاريخه أن جالوت لما بارز طالوت فقال له اخرج إلي وأخرج إليك، فندب طالوت الناس فانتدب داود فقتل جالوت، وقال وهب بن منبه فمال الناس إلى داود، حتى لم يكن لطالوت ذكر، وخلعوا طالوت وولوا عليهم داود، وقيل إن ذلك عن أمر شمويل حتى قال بعضهم إنه ولاه قبل الوقعة، وقال ابن جرير والذي عليه الجمهور إنما ولى الملك بعد قتل جالوت والله أعلم، وروى ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز أن قتله جالوت كان عند قصر أم الحكيم وأن النهر الذي هناك هو المذكور في الآية فالله أعلم، وقد أعانه الله على عمل الدروع من الحديد ليحصن المقاتلة من الأعداء.
وأرشده إلى صنعتها وكيفيتها وقال الحسن البصري، وقتادة، والأعمش كان الله قد ألان له الحديد حتى كان يفتله بيده، لا يحتاج إلى نار ولا مطرقة، قال قتادة فكان أول من عمل الدروع من زرد، وإنما كانت قبل ذلك من صفائح، وقال ابن شوذب كان يعمل كل يوم درعا يبيعها بستة آلاف درهم، وقد ثبت في الحديث ” أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وأن نبي الله داود كان يأكل من كسب يده” وقال ابن عباس، ومجاهد، معنى ذى الأيد، أى القوة في الطاعة، يعني ذا قوة في العبادة والعمل الصالح، وقال قتادة أنه أعطي قوة في العبادة، وفقها في الإسلام، وقال وقد ذكر لنا أنه كان يقوم الليل، ويصوم نصف الدهر، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوما، ويفطر يوما، ولا يفر إذا لاقى”