هل ينقذ ترامب امريكا من الديون؟فما الذي حدث؟ وكيف تحولت الولايات المتحدة إلى ما يشبه بسوق شعبي يُباع فيه كل شيء عدا مصالح الأثرياء؟
هل ينقذ ترامب امريكا من الديون؟فما الذي حدث؟ وكيف تحولت الولايات المتحدة إلى ما يشبه بسوق شعبي يُباع فيه كل شيء عدا مصالح الأثرياء؟ كتبت د.صفاء الليثي
هل ينقذ ترامب امريكا من الديون؟فما الذي حدث؟ وكيف تحولت الولايات المتحدة إلى ما يشبه بسوق شعبي يُباع فيه كل شيء عدا مصالح الأثرياء؟
كان الجميع يعتقد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أخذ هذه القرارات الضريبة التي أربكت العالم من أجل الشعب الأمريكي وفي الحقيقة بالأمس نفذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما وُصف بأكبر عملية احتيال مالي في تاريخ الولايات المتحدة، بل وفي تاريخ الدول بأسرها.
هذه العملية تمت في وضح النهار، وأمام عدسات الكاميرات ووسائل الإعلام، دون أي مواربة أو خجل.
فما الذي حدث؟ وكيف تحولت الولايات المتحدة إلى ما يشبه سوق شعبي يُباع فيه كل شيء عدا مصالح الأثرياء؟
قبل أيام ، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية على معظم دول العالم، الأمر الذي أدى إلى انهيار الأسواق العالمية وتراجع البورصات الأمريكية بقيمة تقارب 10 تريليونات دولار.
وازدادت الأمور سوءًا بعد دخوله في حرب تجارية مباشرة مع الصين، حيث رفع الرسوم الجمركية على البضائع الصينية إلى 125% ثم رفعها الى رقم أكبر 145%.
هذا التوتر أصاب الأسواق بحالة من الشلل التام، وتراجع المؤشر بشكل غير مسبوق منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. دفع هذا الانهيار المستثمرين الصغار والمواطنين العاديين إلى بيع أسهمهم خوفًا من خسائر أكبر، مما أدى إلى تدهور إضافي في الأسعار.
المرحلة الثانية من الخطة:
خلال هذه الفترة الحرجة، ظل ترامب ينشر عبر منصته “تروث سوشال ميديا” نصائح للمواطنين بشراء الأسهم مستغلًا انخفاضها، معتبرًا أنها فرصة لن تتكرر. وفي التاسعة وسبعٍ وثلاثين دقيقة من صباح يوم 9 أبريل.
كتب تغريدة قال فيها:
“الآن وقت مناسب للشراء.. DJT”
في إشارة إلى شركته المدرجة في البورصة (Trump Media & Technology Group)، والتي يرمز لها بـ DJT، وهي اختصار لاسمه.
وبعد أربع ساعات فقط من هذه التغريدة، أعلن ترامب تأجيل الرسوم الجمركية التي فرضها على 90 دولة لمدة 90 يومًا.
ونتيجة لهذا القرار، شهدت الأسواق ارتدادًا حادًا، وارتفعت أسعار الأسهم بصورة جنونية.
الأثر المالي الفوري:
-ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 9.5% في يوم واحد، مضيفًا 4 تريليونات دولار لقيمة السوق.
-ارتفعت أسهم شركة DJT بنسبة تتجاوز 22% في نفس اليوم.
-ارتفعت ثروة ترامب بمقدار 415 مليون دولار في ساعة واحدة فقط.
ما يثير الريبة:
قبل إعلان تأجيل الرسوم بساعات، لوحظت زيادات ضخمة ومفاجئة في تداول “خيارات الشراء” (Call Options) الخاصة بأسهم شركة ترامب، وهي رهانات مالية على ارتفاع قيمة الأسهم. وبعد الإعلان، تحول من امتلك هذه الخيارات إلى أثرياء خلال ساعات، ما يشير إلى احتمال وجود تداول بناءً على معلومات داخلية.
من المستفيد ومن الخاسر؟
-المستفيدون: النخبة الثرية، رجال الأعمال المقربون من ترامب، وبعض الساسة.
-الخاسرون: المواطنون العاديون والمستثمرون الصغار الذين وثقوا في ترامب وظنوا أنه يعمل من أجل مصلحتهم.
العملية باختصار:
ما حدث هو مثال واضح على مخطط احتيالي يُعرف باسم: Pump and Dump
ويعني رفع قيمة أسهم منخفضة اصطناعيًا بعد شرائها بثمن بخس، ثم بيعها بعد أن ترتفع، مما يؤدي لخسائر جسيمة لمن تبقى في السوق.
لأدلة على التخطيط المسبق:
1-وزير الخزانة الأمريكي صرح: “كان ذلك تكتيكًا تفاوضيًا مدروسًا منذ البداية”.
2-صحيفة “بوليتيكو” كشفت أن خطة التأجيل كانت مطروحة قبل أسبوع من إعلانها.
3-توقيت تغريدة ترامب والتأجيل كانا محسوبين بدقة.
4-مقطع فيديو مسرّب من البيت الأبيض يُظهر ترامب وهو يشير إلى اثنين من رجال الأعمال، قائلاً: “هذا ربح 2.5 مليار دولار اليوم، والآخر 900 مليون… ليس بالأمر السيئ، أليس كذلك؟”، وكان أحدهم هو الملياردير “تشارلز شواب”، أحد المقربين من ترامب.
لنتائج السياسية:
أثار ما حدث موجة من الغضب في الكونغرس، حيث اتهم نواب من بينهم السيناتورة إليزابيث وارن، ترامب بالاحتيال والتلاعب بالأسواق، ووصفت ما حدث بأنه أكبر عملية خداع مالي في التاريخ الحديث، يشبه فساد عصابات المال في عشرينيات القرن الماضي.
في المقابل، رد البيت الأبيض ببيان مقتضب برّر فيه ما حدث، قائلاً: “من حق الرئيس دستوريًا أن يطمئن السوق”.
تداعيات مستقبلية:
باتت صناديق التحوط تعتمد على خوارزميات تحليل تغريدات ترامب في اتخاذ قراراتها، مما يعني أن الرئيس الأمريكي أصبح مؤشرًا ماليًا بحد ذاته!
السؤال المحوري:
هل أصبحت الولايات المتحدة دولة تسمح لرئيس باستخدام منصبه للتلاعب بالأسواق وتحقيق ثروات على حساب الشعب؟ وهل تحوّلت منصات مثل “تويتر ” إلى أدوات احتيال مالي علني؟
ما حدث لم يكن مجرد فضيحة… بل زلزال اقتصادي سرق مدخرات الناس العاديين ووزّعها على طبقة فاحشة الثراء، في واحدة من أكبر عمليات الاحتيال المالي في العصر الحديث، تمت بضغطة زر ومكالمة من المكتب البيضاوي.