الدكرورى يكتب عن الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــروى
ونكمل الجزء السابع مع الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها، وقد أدرك ذلك الشيخ محمد قطب فقال “وأول ما نبدأ به من هذا الجهد، هو تصحيح منهج التلقي من أين نتلقى فهمنا لهذا الدين؟ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف الصالح رضوان الله عليهم؟ أم مما دخل على هذا الفهم الواضح المستقيم من أفكار دخيلة ومنحرفة، بتأثير عوامل متعددة في أثناء المسيرة الطويلة للأمة الإسلامية، واحتكاكها الدائم بأخلاط من المذاهب، وأخلاط من الأفكار؟.فإذا صححنا منهج التلقي، وصححنا بناء على ذلك ما انحرف في حس المسلمين المتأخرين من مفاهيم الإسلام الرئيسية.
بقيت علينا مهمة أخرى لا تقل خطرا، هي مهمة التربية على المفاهيم الصحيحة لهذا الدين، والتربية هي الجهد الحقيقي الذي ترجى معه الثمرة، ولكنه لن يؤت ثمرته حتى يقوم على أساسه الصحيح” فإن المحافظة على ما تمتلكه المجتمعات الإسلامية من هُوية، وسمات، وملامح مميزة خاصة بها دون غيرها من المجتمعات أمر في غاية الأهمية، لأن الاعتزاز بهذه الهوية يبعث على الفخر، والاعتزاز، والشموخ، والثقة بالنفس، والمجتمع الذي ليس له هوية يتمسك بها، ويتميز بها هو مجتمع ضعيف البنية، حيران، وتائه الرؤية، يترنح تارة نحو الشرق، وتارة نحو الغرب، ولقد ميز الله تعالى المجتمعات الإسلامية بهوية فريدة في مصادرها، وأصولها وفروعها، وكل متعلقاتها.
ومن عايشها، وفهمها، والتزم بها سعد في الدنيا والآخرة، ومن أهم ما يجب المحافظة عليه العقيدة الإسلامية الصحيحة، والشعائر الإسلامية كلها، وفي مقدمتها أداء الصلوات في المساجد، والمحافظة على اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، واللباس المحتشم بالنسبة للرجال، والنساء، وكل الأخلاق الإسلامية الفاضلة، ولأهمية القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة كمصدرين أساسين للهوية الإسلامية، فقد اعتنى الشارع الحكيم اعتناء كبيرا بالمحافظة عليهما، فقال تعالى ” لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون” ومن الأحاديث الشريفة التي تؤكد المحافظة على الهوية الإسلامية، ما جاء في التحذير من التشبه بالمشركين، ففي الحديث الشريف عن ابن عمر رضي الله عنهما قال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من تشبه بقوم فهو منهم ” وذلك لتبقى أمة الإسلام محافظة على هويتها مستقلة بذاتها، وهذا قمة التوجيه في الاعتناء بالهوية الإسلامية والاعتزاز بها حتى إن اليهود قالوا ” ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه ” وإن هناك نقطة ذات أولوية تسهم في المحافظة على الهوية والخصوصية الإسلامية مما يسمى عولمة الثقافة وإشعار هذه الأمة بخطورة هذه الفكرة، وأن فحواها ومحتواها طمس الخصوصيات الإسلامية، وإشغال الأمة المسلمة بما لدى الأمم الغربية والأمريكية على وجه الخصوص من ثقافات جديدة، وإغراقهم في المستنقع الثقافي لما يسمى بالقرية الكونية، وإذا كانت وزيرة الثقافة الدنماركية اشتكت من هيمنة الثقافة الأمريكية.
وقالت:”لم يعد يحتمل هذا الغزو” وإذا كان الرئيس الفرنسي السابق وقف يخطب في الجموع المحتشدة محذرا من تفشي ظاهرة لبس الجينز بين الشباب الفرنسي لأنه مظهر من مظاهر الغزو الأمريكي، فإنا بوصفنا مسلمين يلزمنا، أن نحذر من ذلك ونكون أشد إصرارا على المحافظة على هويتنا وخصوصياتنا وقيمنا، وعدم التشبه والاقتداء بأعداء الإسلام، كيف ورسولنا صلى الله عليه وسلم حذرنا من ذلك وقال “من تشبّه بقوم فهو منهم” رواه أحمد، ومن ابرز الأساليب للحفاظ على الهوية الإسلامية، هو التعلق بالله عز وجل والاستعانة والاستعاذة به، وسؤاله الهداية والثبات والممات على دين الإسلام من غير تبديل ولا تغيير، والثقة بمنهج الله ووعده وحكمه وأوامره، واليقين به ومراقبته.