مسيلمة بن ثمامة ” جزء 9″

الدكرورى يكتب عن مسيلمة بن ثمامة ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مسيلمة بن ثمامة ” جزء 9″

ونكمل الجزء التاسع مع مسيلمة بن ثمامة، وأيضا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حارب الخليفة أبو بكر الصديق المرتدين ومانعى الزكاة ومنهم مسيلمة، الذى هُزمت قواته مِن قِبل القائد سيف الله المسلول خالد بن الوليد، وقُتل مسيلمة من قبل وحشي بن حرب في معركة اليمامة فى العام القانى عشر من الهجرة وكان عمره قد تعدى المائة عام، ولم يصبح جميع أتباع مسيلمة مسلمين مخلصين، فبعد عشر سنين أعدم حامل رسالة مسيلمة، التي أرسلها للنبي صلى الله عليه وسلم، مع آخرين فى الكوفة حيث اعتبروا بأنهم ما زالوا على دعوة مسيلمة، ولقد امتاز مسيلمة الكذاب بخدعتين استجلبت أنظار الناس له وهما بيضة القارور وراية الشادن فحسب كتاب الحيوان للجاحظ.

فقد ساح مسيلمة في أسواق العرب حتى تعلم من الحواة والمشعوذين طرقا يستجلب بها أنظار الناس كي يؤمنوا بنبوته المزعومة فكان يضع البيضة في الخل مدة طويلة فتصبح كالعلكة تمط ويخدع بها أفهام الأعراب البسطاء بأن يدخلها في القارورة الزجاجية، وصنع طائرات ورقية أو كما كانت تسمى براية الشادن وزعم أنها الملائكة تنزل عليه وذلك بأن أتى بها في ليلة ظلماء عاصفة ووضع فيها سلاسل فأرتاع الناس وزعم أن من نظر إليها خطف بصره، وقد حاول مسلمة بن حبيب أن يضاهى القرآن فجاء كلامه سخيفا لا مغزى منه ما قاله الكذاب، “والليل الدامس، والذنب الهامس، ما قطعت أسد من رطب ولا يابس” وقال الكذاب أيضا “لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشا”

وقال الكذاب أيضا “إن بني تميم قوم طهر لقاح، لا مكروه عليهم ولا إتاوة، نجاورهم ما حيينا بإحسان، نمنعهم من كل إنسان، فإذا متنا فأمرهم إلى الرحمن” وقد ذكر ابن كثير أن عمرو بن العاص قبل إسلامه قابل مسيلمة فسأله مسيلمة ماذا أنزل على صاحبكم في هذا الحين؟ فقال له عمرو لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة فقال وما هي؟ فقرأ عليه سورة العصر، قال ففكر مسيلمة ساعة، ثم رفع رأسه فقال ولقد أنزل عليَّ مثلها فقال له عمرو وما هو؟ قال مسيلمة كلامه السخيف، ثم قال كيف ترى يا عمرو؟ فقال عمرو بن العاص والله إنك لتعلم أني أعلم إنك لتكذب، وقد قال أبو بكر الباقلاني فأما كلام مسيلمة الكذاب وما زعم أنه قرآن فهو أخس من أن ننشغل به وأسخف من أن نفكر فيه.

وإنما نقلنا منه طرفا ليتعجب القارئ وليتبصر الناظر، فإنه على سخافته قد أضل، وعلى ركاكته قد أزل، وميدان الجهل واسع، ومسيلمة الكذاب هو مسيلمة بن ثمامة وهو من بني حنيفة، وكان يلقب فى قومه بالرحمن فيقال عنه رحمن اليمامة، أما صفة الكذاب، فهو لقب التصق به بعد ادعائه النبوة، وأكثر من آمن به كان من بني حنيفة، وقد قُتل عن عمر يناهز المائة وخمسين سنة، وقد تعلم مسيلمة الكذاب الكهانة ولقد وردت الأنباء عن مسيلمة الكذاب وتعلمه للعديد من فنون الكهانة والسحر، وذكر الجاحظ أن مسيلمة الكذاب كان يدور في الأسواق بحثا عمن يعلمه فنون السحر وعلم التنبؤ بأخبار النجوم، وقد أتقن الكثير من الخدع وفنون الشعوذة، ومن الحيل التى كان يتقنها مسيلمة.

وقد اشتهر بها بأنه كان يقص جناح الطائر ومن ثم يلصقه مرة أخرى، بالإضافة لإخال البيضة في الزجاجة، وقد ادعى مسيلمة أنه كان يحلب ظبية تأتيه كل يوم من أحد الجبال، ولقد عارض مسيلمة الكذاب القرآن الكريم بمجموعة من الأسجاع والكلام الوضيع والذى تبدو عليه معالم الركاكة والضعف، ومن ذلك سجع ادعى أنه نزل إليه من السماء في خصومة لبعض القوم آتوه، وقال في ذاك هذا السجع، والليل الأضخم، والذئب الأدلم، والجذع الأزلم، ما انتهكت أسيد من محرم، ومن السجع الذى قاله وهو يدعي أنه وحى من السماء قوله والليل الدامس، والذئب الهامس، ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس، وكان يقول “والشاء وألوانها، وأعجبها السود، وألبهانها، والشاة السوداء، واللبن الأبيض، إنه لعجب محض، وقد حرم المذق، فما لكم لا تجتمعون”