الدكرورى يكتب عن بلال بن رباح الحبشي ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
بلال بن رباح الحبشي ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع بلال بن رباح الحبشي، ثم قال هل لك فى الإسلام؟ فإنى رسول الله” فأسلم، وقال “اكتم إسلامك” ففعل وانصرف بغنمه وبات بها، وقد أضعف لبنها، فقال له أهله لقد رعيت مرعى طيبا فعليك به، فعاد إليه ثلاثة أيام يستقيهما ويتعلم الإسلام، حتى علم المشركون بإسلامه، فقاموا بتعذيبه أشد العذاب، وكان بلال أول من أذن للصلاة، وهو مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم فعن زيد بن أرقم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم المرء بلال، هو سيد المؤذنين، ولا يتبعه إلا مؤذن، والمؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة، وعن عبد الله بن محمد بن الحنفية قال انطلقت أنا وأبي إلى صهر لنا من الأنصار نعوده، فحضرت الصلاة، فقال لبعض أهله يا جارية.
ائتونى بوضوء لعلى أصلى فأستريح، قال فأنكرنا ذلك عليه، فقال سمعت رسول الله يقول قم يا بلال، فأرحنا بالصلاة، ولقد تربى بلال وتعلم فى مدرسة النبوة، ورافق النبى صلى الله عليه وسلم كثيرا، مما كان له الأثر الكبير في شخصيته، ولقد اكتشف النبى صلى الله عليه وسلم موهبته ومهارته وصوته الندى، فأمره أن يؤذن، فكان أول مؤذن في الإسلام، وروى البخارى بسنده، عن عبد الله بن أبى قتادة، عن أبيه قال سرنا مع النبى صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال بعض القوم لو عرَّست بنا يا رسول الله قال “أخاف أن تناموا عن الصلاة” قال بلال أنا أوقظكم، فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس.
فقال “يا بلال، أين ما قلت؟ قال ما ألقيت عليَّ نومة مثلها قط، قال ” إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء، يا بلال، قم فأذن بالناس بالصلاة” وعن أبى سعيد الخدرى، عن بلال قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا بلال، ألق الله فقيرا ولا تلقه غنيا” قال، قلت وكيف لى بذلك يا رسول الله؟ قال “إذا رزقت فلا تخبأ، وإذا سئلت فلا تمنع” قال، قلت وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال “هو ذاك وإلا فالنار” ولما توفى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أبى بلال أن يؤذن لأحد بعد النبى صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة ناشدوه فيها أن يؤذن، فأذن حتى بلغ قوله “أشهد أن محمدا رسول الله” فأجهش بالبكاء، وما استطاع أن يُتم الأذان.
وقد جاء بلال إلى أبى بكر الصديق يسأله أن يأذن له بالمشاركة في الفتوحات، فأبى أبو بكر، وقال له ” أنشدك بالله يا بلال، وحرمتى وحقى، فقد كبرت وضعفت، واقترب أجلى” فأقام معه حتى وفاة أبي بكر الصديق، ثم أتى عمر بن الخطاب يستأذنه، فأبى عليه، فأصر بلال، فأذن له فخرج إلى الشام، فنزل ومعه أبو رويحة الخولانى على بني خولان في داريا، فخطبا إليهم، فقالا “إنا قد أتيناكم خاطبين، وقد كنا كافرين فهدانا الله، ومملوكين فأعتقنا الله، وفقيرين فأغنانا الله، فإن تزوجونا فالحمد لله، وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله” فزوجوهما، وقيل أن النبى صلى الله عليه وسلم زوّجه أخت عامر وعاقل وخالد وأياس بنو البكير الكنانية، وقيل بل تزوج امرأة من بني زُهرة بن كلاب.
وعن سهل بن سعد رضى الله عنه قال خرج النبى صلى الله عليه وسلم يصلح بين بنى عمرو بن عوف وحانت الصلاة، فجاء بلال أبا بكر فقال حبس النبي، فتؤمّ الناس؟ قال نعم، إن شئتم، فأقام بلال الصلاة، فتقدم أبو بكر الصديق فصلى، فجاء النبى صلى الله عليه وسلم يمشى فى الصفوف يشقها شقا حتى قام في الصف الأول، فأخذ الناس بالتصفيح، وكان أبو بكر الصديق لا يلتفت فى صلاته، فلما أكثروا التفت فإذا النبى صلى الله عليه وسلم فى الصف، فأشار إليه مكانك، فرفع أبو بكر الصديق يديه فحمد الله، ثم رجع القهقرى وراءه، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى، وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي فأغلقها عليه ثم مكث فيها.