الدكرورى يكتب عن بلال بن رباح الحبشي ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
بلال بن رباح الحبشي ” جزء 5″
ونكمل الجزء الخامس مع بلال بن رباح الحبشي، وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي فأغلقها عليه ثم مكث فيها، قال ابن عمر رضى الله عنهما فسألت بلال حين خرج، ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال جعل عمودين عن يساره، وعمودا عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ثم صلى، وعن بلال بن رباح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له غداة جمع يا بلال، أسكت الناس أو أنصت الناس، ثم قال إن الله تطوَّل عليكم في جمعكم هذا، فوهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، ادفعوا باسم الله” وعن بلال قال أذنت فى غداة باردة.
فخرج النبى صلى الله عليه وسلم فلم ير في المسجد أحدا، فقال أين الناس؟ فقلت حبسهم القر، فقال “اللهم أذهب عنهم البرد” قال فلقد رأيتهم يتروحون فى الصلاة، وقد روى عنه أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين من الصحابة والتابعين، فممن روى عنه من الصحابة أسامة بن زيد، والبراء بن عازب، وطارق بن شهاب بن عبد شمس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وكعب بن عجرة، ووهب بن عبد الله، وممن روى عنه من التابعين الأسود بن يزيد بن قيس، وشهر بن حوشب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وغيرهم، وكان بلال رضى الله عنه يقول عن نفسه تواضعا “إنما أنا حبشي، كنت بالأمس عبدا” وعن هند امرأة بلال قالت كان بلال إذا أخذ مضجعه.
قال “اللهم تجاوز عن سيئاتى، واعذرنى بعلاتى” وقيل أنه ذهب يوما يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما أنا بلال وهذا أخى، عبدان من الحبشة، كنا ضالين فهدانا الله، وكنا عبدين فأعتقنا الله، إن تزوجونا فالحمد لله، وإن تمنعونا فالله أكبر، وكان بلال رضى الله عنه من السابقين إلى الإسلام، المصدقين به، وكان طاهر القلب، متقدم الهِجرة، فكان من السبعة الأوائل الذين أظهروا إسلامهم، وبذل نفسه فى سبيل الله تعالى حيث آذاه قومه، وجعلوا الولدان يطوفون به في مكة، وهو يقول “أحد أحد” وكان من مناقبه رؤية النبى صلى الله عليه وسلم له في الجنة، لقوله صلى الله عليه وسلم له ” يا بلال بم سبقتنى إلى الجنة؟ إننى دخلت البارحه الجنة فسمعت خشخشتك أمامى”
وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول عنه “أَبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا” وإطلاق السيادة عليه من مناقبه العظيمة، وكان خازنا للنبى صلى الله عليه وسلم على بيت المال، وكان حامل لعنزة النبى صلى الله عليه وسلم أى السترة التى يصلى إليها المصلي لتكون حاجزا بينه وبين المارة، فقد جاء عن ابن عمر رضى الله عنه أن بلال كان يحمل العنزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى يوم العيد وهو يؤذن، وكان مؤذن النبى صلى الله عليه وسلم فهو أول من أذن له فى الإسلام، وكان ممن تعرض للأذى في الدين فصبر، وكان شديد التوكل على الله تعالى، وتوفى بلال بالشام، ولكن اختلف فى مكان وزمان وفاته، فقيل مات سنة عشرين من الهجرة بدمشق، ودفن بباب الصغير، وعمره بضع وستين سنة.
وقيل مات سنة واحد وعشرين من الهجرة وقيل مات فى طاعون عمواس سنة سبعة عشر أو ثمانى عشر من الهجرة وقيل مات فى داريا، وقيل مات بحلب، وهو ابن سبعين سنة، ويُروى أنه لما حضرته الوفاة، قال “غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه، فقالت امرأته واويلاه، فقال وافرحاه” وهكذا العظماء في الأمم تبقى أخبارهم خطوطا عريضة لا تستوعب سنوات حياتهم، ولعل جزءا من سبب ذلك، أنهم يخفون أنفسهم فهم لا يريدون فى الأرض علوا ولا فسادا همهم ما عند الله، ولكننا لا نحرم أنفسنا من التأمل في سير الصالحين وأخبار السابقين فبذكرهم تطيب المجالس وتحلو الأحاديث فهم النجوم إذا رفع أهل الدنيا نجومهم، وهم القدوات للأجيال حينما يغشون بقدوات إعلامية لم تعرف بصلاح ولا نصح.