الدكرورى يكتب عن زيد بن ثابت الأنصاري ” جزء 4″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
زيد بن ثابت الأنصاري ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع زيد بن ثابت الأنصاري، وعن سالم رضي الله عنه قال كنا مع ابن عمر رضي الله عنهما يوم مات زيد بن ثابت رضي الله عنه، فقلت ” مات عالم الناس اليوم ” فقال ابن عمر رضي الله عنهما “يرحمه الله، فقد كان عالم الناس في خلافة عمر وحبرها، فرقهم عمر في البلدان، ونهاهم أن يفتوا برأيهم، وحبس زيد بن ثابت بالمدينة، يفتي أهلها” ولما مات زيد رضي الله عنه قال أبو هريرة رضي الله عنه ” مات حبرُ الأمة، ولعل الله أن يجعل في ابنِ عباسٍ منه خلقا” وقد تألق زيد بن ثابت في المجتمع الأسلامي بفضل علمه وتبوأ فيه مكانا عاليا، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم، ففي غزوة تبوك حمل عُمارة بن حزم أولا راية بني النجار، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم منه.
فدفعها لزيد بن ثابت فقال عُمارة ” يا رسول الله، بلغك عني شيء؟ ” فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ” لا، ولكن القرآن مقدَّم ” وعمارة بن حزم هو صحابي من الأنصار من بني غنم بن مالك بن النجار من الخزرج، وقد شهد بيعة العقبة الثانية، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، غزواته كلها، ثم شارك في حروب الردة، وقتل في معركة اليمامة، فهو عمارة بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأَنصاري الخزرجي، وأمه هى السيدة خالدة بنت أبي أنس بن سنان بن وهب بن لوذان من بني ساعدة من الخزرج، وهو أخو الصحابي عمرو بن حزم، وكان له من الولد مالك بن عمارة بن حزم لا عقب له، وأمّه هى النوار بنت مالك أم زيد بن ثابت.
وقد شهد عمارة بن حزم بيعة العقبة الثانية، ولما أسلم تولى عمارة بن حزم وأسعد بن زرارة وعوف بن عفراء تكسير أصنام بني مالك بن النجار، وقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم، بينه وبين محرز بن نضلة، وقد شهد عمارة مع النبي صلى الله عليه وسلم، غزواته كلها، وكانت معه راية بني مالك بن النجار في يوم الفتح، وقد شارك في حروب الردة في جيش القائد خالد بن الوليد، وقتل في معركة اليمامة، وقد روى عمارة بن حزم عن النبي صلى الله عليه وسلم، عدة أحاديث، وقد رواها عنه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مرسلا وزياد بن نعيم الحضرمي وسعيد بن سعد بن عبادة، وأما عن زيد بن ثابت فقد ذكر ان زيد ذهب ليركب، فأمسك ابن عباس بالركاب، فقال له زيد ” تنح يا ابن عم رسول الله ”
فأجابه ابن عباس ” لا، فهكذا نصنع بعلمائنا ” كما قال ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت ” ما رأيت رجلا أفكه في بيته، ولا أوقر في مجلسه من زيد “وكان عمر بن الخطاب يستخلفه إذا حج على المدينة، وزيد هو الذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك، وهو أحد أصحاب الفتوى الستة، وكانوا هم عمر وعلي، وابن مسعود وأبيّ وأبو موسى وزيد بن ثابت، فما كان عمر ولا عثمان يقدّمان على زيد أحدا في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة، وقد استعمله عمر بن الخطاب على القضاء وفرض له رزقا، وقال الزهري، لو هلك عثمان وزيد في بعض الزمان، لهلك علم الفرائض، ولقد أتى على الناس زمان وما يعلمها غيرهما، وقال جعفر بن برقان سمعت الزهري يقول.
لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض، لرأيت أنها ستذهب من الناس، وقال ابن سيرين، غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين، بالقرآن والفرائض، ولقد كان الصحابي الجليل زيد بن ثابت واحدا من أعلم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لهذا لم تكن المهمات التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يوكله بها مهمات عادية أو سهلة بل كانت تحتاج إلى دقة عالية جدا وعقل يقظ، لأن أي خطأ في التنفيذ يؤدي إلى عواقب كبيرة، فالمهمة الصعبة والدقيقة والحساسة، وهي مهمة كتابة الوحي، فكلما نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسل في طلب زيد بن ثاب ليكتب ويدون ما نزل من القرآن الكريم، وهي مهمة حساسة جدا وخطيرة، إذ أن مدون القرآن الكريم ليس بالإنسان العادي بل هو إنسان ذو ميزات غير عادية.