الرسالة المحمدية وفقهاء الصحابة “جزء 3”

الدكرورى يكتب عن الرسالة المحمدية وفقهاء الصحابة “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

الرسالة المحمدية وفقهاء الصحابة “جزء 3″

ونكمل الجزء الثالث مع الرسالة المحمدية وفقهاء الصحابة، وإذا كان أهل الحديث يخصون الصحابي بمن صحب الرسول صلى الله عليه وسلم، قليلا أو كثيرا، ويرون عنه، فإن فقهاء الصحابة هم الذين طالت صحبتهم، لرسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق التتبع والأخذ منه وعرفوا بالفقه والنظر، وهم الذين حفظت عنهم الفتوى، وكانوا يسمون بالقراء، بل ظل هذا لقب أهل الفتيا فترة طويلة في صدر الإسلام، ويقول ابن خلدون ” ثم إن الصحابة كلهم لم يكونوا أهل فتيا، ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم، وإنما كان ذلك مختصا للحاملين للقرآن، العارفين بناسخه ومنسوخه، ومتشابهه ومحكمة، وسائر دلالته مما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أو ممن سمعه منهم من عليتهم، وكانوا يسمون لذلك القراء، أي الذين يقرءون الكتاب، لأن العرب كانوا أمة أمية، فاختص من كان منهم قارئا للكتاب بهذا الاسم لغرابته يومئذ، وبقي الأمر كذلك صدر الملة، ثم عظمت أمصار الإسلام، وذهبت الأمية من العرب، بممارسة الكتاب، وتمكن الاستنباط وكمل الفقه، وأصبح صناعة وعلما” وقد ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين أن الذين حفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكثر من مائة وثلاثون نفسا، ما بين رجل وامرأة، وجعل منهم المكثرين والمقلين، ويحوز الصحابة الكرام، وبالأخص من كان من المهاجرين والأنصار فوق من أسلم بعد عام الفتح، وإن كانت مكانة الصحابة ككل دون مرتبة أهل البيت على كل حال.

وأن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، من يستحق المراتب العليا وقد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة بأشخاصهم وزكاهم، ولقد كان هؤلاء الصحابة الكرام ممثلين صادقين لتراث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الخلقي، ودعاة الإسلام في المستقبل، وحملة تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي بلغها إلى أهل التقوى والورع، ولقد رفع بهم اتصالهم المستمر برسول الله صلى الله عليه وسلم، وحبهم الخالص له، إلى عالم من الفكر والعواطف لم يشهد محيط أسمى منه وأرقى مدنية واجتماعا والواقع أن هؤلاء الصحابة الكرام، كان قد حدثت فيهم تحولات ذات قيمة كبيرة من كل زاوية، وأثبتوا فيما بعد في أصعب مناسبات الحروب.

أن مبادئ رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما بذرت في أخصب أرض أنبتت نباتا حسنا، وذلك عن طريق أناس ذوي كفاءات عالية جدا، فكانوا حفظة الصحيفة المقدسة وأمناءها، وكانوا محافظين على كل ما تلقوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كلام أو أمر، ولقد كان هؤلاء قادة الإسلام السابقين الكرام الذين انجبوا فقهاء المجتمع الإسلامي وعلماءه ومحدثيه الأولين، وهكذا فإنه يطلق لفظ الصحابي على كل من لقي رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم، وأسلم وبقي على الإسلام حتى مات، وأما عن تعريف الصحبه، فالصحبة في اللغة هى الملازمة والمرافقة والمعاشرة، وفي حديث قيلة خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والصاحب المرافق ومالك الشيء والقائم على الشيء، ويطلق على من اعتنق مذهبا أو رأيا فيقال أصحاب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي، وأما عن الصَاحبة فهى الزوجة، وقد قال تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الجن “وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا” فنعلم جميعا أن الصحابى هو من رأى النبى صلى الله عليه وسلم، وآمن به ومنهم من ولد قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنهم من ولد في حياته، صلى الله عليه وسلم، وعن أبي سعيد الخدرى يقول ” أن رسول الله قال “الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد أذاني، ومن أذاني فقد أذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه” وهذا الحديث متفق عليه.